و (منها) إن المملوك ينقسم تارة إلى مملوك بالذات وإلى مملوك بالعرض وأخرى إلى مملوك بالأصالة وإلى مملوك بالتبع، والمراد من المملوك بالذات ما تقوم به الملكية حقيقة، وبلا واسطة في العروض، وفي قباله ما ينسب إليه الملك لمكان اتحاده مع المملوك بالحقيقة بنحو من الاتحاد، فالجسم الخارجي كالثوب مثلا مملوك بالذات وبالحقيقة، وكمه وكيفه مملوك بالعرض، وملاك الذاتية والعرضية إمكان التفكيك وبذل المال بإزائه، والجسم يمكن أن يبذل المال بإزائه ويملك وأما طوله وبياضه فلا، فإنه وإن كان طوله وبياضه دخيلا في ماليته إلا أن المال بالحمل الشايع هو الثوب الأبيض لا الثوب والبياض بخلاف منفعة الدابة وعينها، فإن منفعتها وإن كانت من حيثياتها وشؤونها القائمة بها إلا أنها قابلة لبذل المال بإزائها كما يمكن بذل المال بإزاء عين الدابة، فالمنفعة مملوكة بالذات كنفس الدابة وبياض الدابة مملوك بالعرض.
والمراد من الملوك بالأصالة وبالتبع أن المملوك بالذات والحقيقة ربما يلاحظ بنفسه ويبذل المال بإزائه في عقد مثلا وربما تعرضه الملكية بتبع ما بذل المال بإزائه، وهو يتصور في الأعيان والمنافع فالدار مملوكة بالأصالة في عقد البيع والثمن جعل بإزاء عينها إلا أن ملكية الدار تستتبع ملكية مفتاحها مثلا، فالمفتاح مملوك حقيقة لكنه باستتباع من المملوك بعقد البيع، وكالدابة وحملها مثلا فإنهما معا مملوكان حقيقة إلا أن أحدهما مملوك بالأصالة والآخر بالتبع، وهكذا منافع الدار، فربما تكون مملوكة بالأصالة كما إذا وقعت موقع الإجارة وربما تكون مملوكة بالتبع كما إذا اشترى الدار فإن الثمن واقع بإزاء نفس الدار لا بإزاء الدار ومنافعها بل المنافع مملوكة بتبع ملك الرقبة، وكذا الأعمال فإنها تارة تملك بالأصالة كما إذا وقعت موقع الإجارة وأخرى تملك بالتبع كما إذا ملك العبد بالبيع فإنه يملك رقبته بالأصالة لوقوع الثمن بإزائها ويملك أعماله بتبع ملك الرقبة على حد ملك منافع الدار والدابة بتبع ملكهما بالشراء مثلا.
إذا عرفت ما رسمناه من الأمور فاعلم: أن ايجاد هيئة الخياطة في الثوب وهيئة