استحقاق التسليم المعاوضي لكل منهما في مرتبة واحدة، وعلى هذا المبني يستحق كل منهما على الآخر مثل ما يستحقه الآخر عليه، فإذا امتنعا معا عن التسليم أجبرهما الحاكم، من حيث إن السلطان ولي الممتنع، وكذلك إذا امتنع أحدهما دون الآخر، ولكل حق الامتناع إذا امتنع الآخر حيث لم يلتزم بالتسليم المطلق بل بالتسليم المعاوضي، إلى غير ذلك من الثمرات التي فصلنا القول فيها في باب القبض في تعاليقنا على كتاب الشيخ العلامة الأنصاري " قدس سره " (1).
و (منها) أن الأعمال التي لها آثار خارجية في الأعيان كالخياطة والصياغة والقصارة وأشباهها ليس إلا إيجاد تلك الهيئات القائمة بالأعيان لا الحركات القائمة بالأيدي والآلات، فإن الثانية مما يتولد منه تلك الايجادات، والايجادات الخاصة أفعال توليدية من تلك الأعمال، والفعل التوليدي مغاير وجودا للمتولد منه، كما في الاحراق المتولد من الالقاء في النار، والبرهان على المغايرة أن الايجاد والوجود متحدان بالذات مختلفان بالاعتبار بمعنى أن تلك الحيثية التي تطرد العدم بالذات من حيث قيامها بالفاعل بقيام صدوري إيجاد منه ومن حيث قيامها بالماهية وجودها وإلا فليس هنا موجود ثالث بين وجود العلة ووجود المعلول، وعليه فحيث إن وجود الحرق مباين لوجود الملاقاة فكذا إيجادهما المعبر عنهما بالاحراق والالقاء كل منهما مغاير للآخر، ومنه تبين أن إيجاد الخياطة عين وجودها، والأعمال التي يتولد منها إيجاد الخياطة وهو فعل الأجير مقدمة لذلك الفعل التوليدي المستأجر عليه والواقع بإزائه الأجرة، لا أن تلك الأعمال المقدمية هي المملوكة بالإجارة والواقع بإزائها الأجرة حتى يقال إن مورد الإجارة يؤثر في وجود صفة في العين، فإن المؤثر هو المتولد منه فعل الخياطة وأما فعل الخياطة فهو عين إيجاد تلك الهيئة القائمة بالثوب وهو عين وجودها والمفروض أن الخياطة هي الملكوكة بعقد الإجارة.