المستفاد من أبواب العارية والمضاربة والوكالة ملاكه التسليط على العين عن رضا محض إما لاستيفاء المنفعة كما في الإجارة، أو للانتفاع بها كما في العارية، أو للاتجار بها كما في المضاربة، أو لبيعها ونحوه من التصرفات كما في الوكالة، وقد عرفت أن اللابدية فضلا عن مجرد الاستحقاق لا تنافي بقاء الرضا المحض الذي بعثه على الإجارة المقتضية للتسليط على ما له في مدة الإجارة، وأن بقاءه بعدها مع الالتفات إلى انقضاء المدة والتمكن من المطالبة بسبب عدم المطالبة الكاشف عن كون هذا الاستيلاء بقاء عن رضاه كما كان حدوثا، ومع الشك يستصحب بقاؤه على حاله المحقق للأمانة المالكية تعبدا، فيترتب عليها حكمها من دون وصول النوبة إلى عموم قاعدة اليد المخصص بما عدا مورد الأمانة.
وأما الأمانة الشرعية فملاكها الترخيص في إثبات اليد على مال الغير لحفظه أو لايصاله إلى المالك بنحو من أنحاء الايصال كما استفيد من أدلة اللقطة ومجهول المالك وأشباه ذلك، وليس مجرد الترخيص الشرعي تأمينا شرعيا، مثلا لا ريب في أن وضع اليد على العين المستأجرة جائز شرعا لكنه إما لكونها أمانة مالكية فيكون كالترخيص في العارية، فهو من باب إباحة ما أباحه مالكه لا تأمين من الشارع، وإما لكونها مما يستحق استيفاء المنفعة فيها فهو من باب انفاذ السبب الموجب لاستحقاق الاستيلاء الموقوف عليه الاستيفاء، لا أنه ترخص ابتدائي من الشارع كما في اللقطة، فإن الترخيص في الالتقاط ترخيص ابتدائي في وضع اليد على مال الغير ليوصله إليه بالتعريف أو ليحفظه له خارجا أو في ذمته بعد التعريف، فهو أمين الشارع لعدم انبعاث هذا الترخيص عن سبب سابق مسوغ لوضع اليد عليه، فتوهم أن العين في مدة الإجارة أمانة شرعية فاسد، لما عرفت.
وأما بعد المدة وفرض عدم شمول التأمين المالكي له ولو بالأصل، فلعدم الدليل على الترخيص حتى يكون ترخيصا غير منبعث عن مسوغ له، إذ غاية ما في الباب أنه لا ريب في وجوب إيصالها إلى مالكها وحرمة إهمالها، ومن الواضح أن وجوب الرد إلى مالكها وجوب عرضي يتبع حرمة إمساكها كما في كل مورد كانت