وأما ما عن بعض أجلة السادة " قدس سره "، من أن وجه التخيير هنا أقوى من المسألة المتقدمة فلعله ملاحظة صدق التعذر باتلاف الأجنبي دون ما إذا أتلفه البائع مثلا، فإنه لم يتعذر بل جعله ممتنعا على نفسه.
ويندفع: بأنه كذلك إذا كان المدار على عنوان التعذر بدليل لفظي، وأما إذا كان المدار على ضررية لزوم البيع من جهة عدم امكان التسليم فالميزان هو الضرر الناشئ من التعذر من دون فرق بين أسبابه. ومن جميع ما ذكرنا تبين أن الأوفق بظاهر الرواية في هذه المسألة تعين الضمان بالمسمى بالانفساخ دون الرجوع إلى الأجنبي فضلا عن التخيير.
وأما مطالبة المؤجر بأجرة المثل بناء على عدم الانفساخ وعدم الفسخ بخيار التعذر، نظرا إلى أن المنفعة في ضمان المؤجر إلى أن يحصل القبض، فهو خلط بين ضمان الغرامة وضمان المعاوضة حتى على مسلك من يرى أن الضمان قبل القبض بمعنى ضمان الغرامة كما ينسب في محله إلى الشهيد الثاني " رحمه الله " (1) فإن هذا القائل يعتقد أنه مضمون بعوضه تعبدا لا بالبدل الواقعي، فلا فرق بين الرجوع إلى المؤجر من باب ضمان المعاوضة أو من باب ضمان الغرامة، فإنه على أي حال لا يسترد إلا المسمى.
(التاسع) في الشرايع: ولو كان بعد القبض لم تبطل الإجارة وكان له الرجوع إلى الظالم (2) انتهى.
قلت: حيث إن تسليم المنفعة واقباضها باقباض العين، والمنافع تدريجية الوجود. فقبض العين في كل زمان قبض لمنفعتها في ذلك الزمان، فلا يعقل قبض المنافع دفعة بقبض العين التي لا تدرج في وجودها، فكذا في قبضها، وحينئذ فما الفارق بين منع المؤجر وغصب الأجنبي بعد قبض العين من الابتداء، حيث أطلق