القرب للمنوب عنه في كمال الملائمة.
وقد عرفت أن معنى قصد الامتثال والتقرب هو قصد موافقة المأتي به للمأمور به، فإذا كان الفعل بهذا العنوان نيابة عن الغير فهو تحصيل الموافقة في العمل المضاف إلى الغير لما أمر به، فمرجع تقرب النائب إلى ايجاد الفعل بالعنوان الحس مضافا إلى المنوب عنه فيصدر منه قربيا. وأما ما عن شيخنا الأستاذ " قدس سره " من حديث رضا المنوب عنه وكفايته في صدور العمل منه قربيا بل كفاية رضاه تقديرا مع الغفلة عن نيابة الغير عنه قياسا بوقوع نظيره في الصوم كصوم النائم في تمام النهار، فإنه عبادي ولا معنى لصدوره منه قربيا إلا أنه بحيث لو التفت إليه لكان مرضيا به، وأما الميت فهو دائم الالتفات ودائم الرضا بما يؤتى به عنه من الخيرات.
فتحقيق القول فيه أن غرضه " قدس سره " ليس تعلق التكليف بالأعم من الفعل ومن الرضا بما يؤتى به عنه بحيث يكون الرضا أحد فردي الواجب التخييري، لأنه خلف وخلاف الواقع، إذ لا تكليف إلا بالفعل والكلام في العمل النيابي، وأيضا ليس غرضه " قدس سره " تعلق التكليف بالأعم من الفعل المباشري والفعل المرضي به، إذ يستحيل تعلق التكليف بما ليس من ايجادات المكلف لا مباشرة ولا تسبيبا، وأيضا ليس الغرض أن صدور الفعل مع الرضا به كاف في القربية، فإنه لو صدر مباشرة عن رضى به لم يكن بمجرده عبادة، بل الغرض أن الفعل المنسوب إليه بالنيابة المشروعية إذا رضي به المنوب عنه بما هو موافق لأمره وبما هو دين الله عليه قربي منه بحيث لو صدر منه مباشرة من حيث كونه موافقا لأمره ودين الله عليه لكان مقربا له بلا شبهة، فتارة تكون العبادة مصداقا ايجاد العمل بعنوان الموافقة، وأخرى اتخاذ العمل الصادر من النائب لنفسه بعنوان كونه موافقا لأمره بالرضا به.
هذه غاية تقريب المراد مما أفاده " قدس سره " وعلى تقدير التمامية فلا يتم في النيابة عن الميت، فإن المكلف به هو العمل عن قصد الامتثال، فلا بد في سقوط هذا التكليف من حصول هذا المقيد في هذا النشأة، فكون العمل في هذه النشأة وقيده في نشأة الآخرة ليس امتثالا في هذه النشأة للتكليف الذي لا موقع له إلا