التكليف بسقوط غرضه الحاصل بفعل الغير إذا كان توصليا، وحيث إن المفروض تعبدية الواجب فلا يسقط الغرض إلا بفرض قصد الامتثال. والمفروض أنه لا يمكن قصد الامتثال إلا من طريق محركية الأمر، فما ذكره " رحمه الله " من أنه يأتي بالفعل مرعاة لصديقه واستخلاصا له من العقاب غير معقول، لمساوقة حصول الغرض مع التقرب ولا يسقط العقاب ولا يتخلص منه إلا بتحصيل الغرض كما عرفت.
ثالثها: ما عن شيخنا الأستاذ " قدس سره " على ما أفاده في بحثه لكتاب القضاء وفي غيره من أن فعل النائب تارة باستنابة من المنوب عنه، وأخرى بمجرد نيابة الغير من دون استنابته، فإن كان بنحو الاستنابة فالمنوب عنه كما يتقرب بأمره بفعله المباشري كذلك يتقرب بأمره بفعله التسبيبي، فلا حاجة إلى تقرب النائب حي يطالب بالأمر المقرب له، فالتوسعة حينئذ في الآلة العاملة لا في الأمر المتعلق بالعمل، وإن كان لا باستنابته بل بمجرد النيابة عنه تبرعا مثلا فرضى المنوب عنه بالفعل المحبوب منه كاف في تقربه. ولا حاجة إلى تقرب النائب، ومبنى الشقين معا على عدم لزوم قصد التقرب من النائب أصلا، بل يأتي بذات العمل القابل للانتساب إلى المنوب عنه بمقتضى النيابة المسلمة صحتها في نفسها، والتقرب به شأن المنوب عنه الذي له التكليف إما باستنابته أو برضاه.
ولا يخفى عليك أن الشق الأول وهو التقرب بفعله التسبيبي مبني على امكان تعلق التكليف بالأعم مما هو تحت اختياره وما هو تحت اختيار الغير. وبالجملة الفعل التسبيبي ربما لا يتوسط بينه وبين ما يستبب به إليه إرادة الفاعل المختار، فهذا لا ريب في إمكان تعلق التكليف به، وربما يتوسط بينه وبين ما يتسبب به إليه إرادة الفاعل المختار، فهو محل الكلام. وما نحن فيه من قبيل الثاني. فصحة الشق الأول من الجواب مبنية على ذلك. ولتحقيق الحال فيه محل آخر.
وأما الشق الثاني فحيث إنه مشترك مع دفع الاشكال عنده " قدس سره " من الجهة الثالثة فتحقيق الكلام فيه فيما سيأتي إن شاء الله تعالى. هذا ما وقفت عليه من