ففيه (أولا) أن مثل هذا الايجاب لا ينحفظ به النظام تشريعا لأن شرط الوجوب غير لازم التحصيل، فله أن لا يؤجر نفسه فلا ينحفظ النظام.
و (ثانيا) أن الايجاب المقارن حيث إنه متعلق بذات العمل فهو يوجب كونه مملوكا لله تعالى ومسلوبا عنه الحرمة والقدرة مقارنا لعقد الإجارة، فلا يعقل نفوذ مثله فيما هو مملوك لله تعالى ومسلوب الاحترام حال نفوذه، وأما إيجاب العمل بعد وقوع عقد الإجارة ولزوم العمل وفاء به فلغو كما لا يخفى (سادسها) أن حفظ النظام لا يتوقف على إعمال الصناعات والحرف مجانا وتبرعا حتى يكون وجوبها على وجه المجانية والتبرعية منافيا لأخذ العوض، بل على ذات العمل على وجه اللا بشرطية من حيث المجانية والتعويض.
ويندفع بأن المنع ليس لدليل ظاهر في المجانية حتى يقال إنه ليس كذلك، بل بمناسبة الحكم والموضوع من حيث حفظ النظام يكون الواجب هو العمل اللا بشرط، وإنما المنع لأمر عقلي وهي منافاة طبيعة الوجوب لأخذ الأجرة، فكما أن تقيد الواجب بالعوض محال فكذا إطلاقه من حيث المجانية والتعويض محال لاستلزامه التفكيك بين الملزوم ولازمه وأما ما عن بعض أعلام العصر " قدس سره " (1) من إدراجه تحت الواجب التخييري وجواز أخذ الأجرة على أحد فردي الواجب فمدفوع بأن الواجب بناء عليه له فردان عمل مجاني وعمل البعوض، فنفس العمل بأجرة أحد فردي الواجب، لا أنه من باب أخذ العوض على أحد فردي الواجب، فشبهة استحالة الاطلاق والتقييد من لوازم كون العمل بعوض أحد فردي الواجب، ولا يكون من لوازم أخذ العوض على أحد فردي الواجب. فتدبره فإنه حقيق به.
(سابعها) ما عن شيخنا العلامة الأنصاري " قدس سره " من جواز أخذ الأجرة