الواجب العيني. ثم إنه " قدس سره " (1) أورد على نفسه من حيث ذهابه إلى عدم جواز الأجرة على الواجب العيني بنقوض ثلاثة:
أحدها: جواز أخذ العوض للوصي مع وجوب العمل عليه عينا، وأجاب عنه تارة فيما سبق من كلامه بأنه حكم شرعي لا من باب المعاوضة، وأخرى بأنه من جهة الاجماع والنصوص المستفيضة على أنه للوصي أن يأخذ شيئا المحمول نصا وإجماعا على أجرة المثل بملاحظة احترام عمله.
قلت: أما الجواب الأول: فإن أريد منه مجرد نفي المعاوضة المالكية فلا يجدي كما سيجئ إن شاء الله تعالى. وإن أريد نفي كون المأخوذ عوضا عن عمله المحترم فهو مناقض للجواب الثاني.
وأما الجواب الثاني: فمجرد قيام الاجماع والنص إنما يجدي فيما إذا كانت الشبهة في استحقاق العوض وعدمه، لا في منافاة أخذ العوض عقلا لوجوب العمل.
فالتحقيق أن المتصور هنا أمور: (الأول) تجويز التكسب منه تعالى بل ايجابه فهو غير مناف لشئ لأن التكسب متقوم بالعوض لا أنه من أخذ العوض على الواجب لكنه غير منطبق على ما نحن فيه، لوضوح أنه لا إيجاب منه تعالى للتكسب على الوصي، بل إيجاب العمل والترخيص في أخذ الأجرة.
(الثاني) اعتبار الشارع لاستحقاق الصغير لعمل الوصي بعوض، فلا عوض على الواجب، بل إيجاب العمل منبعث عن استحقاق الصغير له، فهو من باب وجوب أداء ما يستحقه الغير.
(الثالث) إيجاب العمل على الوصي بأجرة المثل، وإذا كانت طبيعة الوجوب منافية للأجرة فلا فرق بين أن يكون العوض المنافي بجعل الشارع أو بجعل المكلف، ولذا قلنا سابقا إن التقييد بالعوض والاطلاق من حيث المجانية والتعويض محال، ومنه تعرف أنه لا بد في مثل هذا الفرع من استكشاف استحقاق الصغير شرعا للعمل من