قال الشهيد " قدس سره " في قواعده قطع الأصحاب ببطلان العبادة إذا أتي بها بداعي الثواب أو دفع العقاب (1)، ولا بد من أن يكون مراده " قدس سره " ما إذا كانت الغاية المزبورة غاية لنفس الفعل لا للمأتي به بداعي الأمر، فإن الغالب حصولها من الناس بأحد الداعيين، ولا يعقل أن تكون الغايتان غاية لذات الفعل، إذا لا يترتب على ذات الفعل ثواب ولا يدفع بها فقط عقاب كما لا يخفى.
ومنه تعرف الجواب عما ذكروه فارقا بين الصلاة المأتي بها بعنوان الامتثال بقصد استحقاق الأجرة، والصلاة المأتي بها كذلك لسعة الرزق ولأداء الدين ولقضاء الحاجة، فإن شيئا من تلك الغايات لو كانت وحدها لما أثرت في عبادية العمل فكيف تكون مؤكدة للعبادية والاخلاص، وكونها منه تعالى غير إتيان الفعل بداعي الالتجاء إليه تعالى في التوسعة أو في أداء الدين أو في قضاء الحاجة حتى يقال إن الالتجاء إليه تعالى في المهمات غاية العدل في العبودية ونهاية الانقياد له تعالى، ولا أظن بمن يصحح العبادة أو يلتزم ببطلان العبادة المأتي بها بداعي الأمر قاصدا به سعة الرزق الموعود بها على فعلها من دون إضافة عنوان الالتجاء وغيره من العناوين الحسنة إليه. وبقية الكلام في رسالة أخذ الأجرة على الواجبات فراجعها.
وربما يوجه الاخلاص طولا فيما نحن فيه بأحد وجهين، إما بملاحظة عنوان الوفاء بعقد الإجارة وإما بملاحظة قصد امتثال الأمر الإجاري:
أما الأول: فبتقريب أن الوفاء بالعقد أمر محبوب عقلا وشرعا وهو من صفات المؤمنين. فغاية العمل العبادي أيضا محبوبة. ويندفع بأن الاتيان لهذه الغاية وإن كان محبوبا إلا أن الكلام في تصحيح ما بأيدي الأجراء من إتيان الصلاة بداعي أمرها قاصدا بها استحقاق الأجرة، وليس مجرد تسليم ما يستحقه الغير محققا لعنوان الوفاء المحبوب عقلا، فإنه قصدي لا يتحقق إلا باتيانه بعنوان الوفاء بالعقد لا بعنوان أداء مال الغير كسائر موارد أداء مال الغير إليه. وبقية الكلام فيه موكولة إلى