عنها العمل، بخلاف عدم الاخلاص طولا، فإن فرضه فرض انبعاث العمل عن علة تامة متمحضة في الاخلاص الذي لا يراد منه إلا خلوص الداعي عن الشريك.
نعم الخلوص طولا كمال العبادة، ولذا قسمت العبادة المفروغ عن عباديتها إلى عبادة الأحرار وعبادة التجار وعبادة العبيد.
والوجه في عدم اعتبار الاخلاص طولا هو أن الغرض من الواجب وإن كان يختلف من حيث ترتبه على ذات الفعل فيكون الواجب توصليا ومن حيث مساوقته للقرب فيكون تعبديا، ولا تعلم كيفيته إلا من قبل الشاعر، لكن وقوع الفعل عبادة إنما هو بحكم العقل وضابطه وقوع الفعل على وجه ينطبق عليه عنوان ممدوح على فاعله من طريق دعوة الأمر، فالفعل المنبعث عن دعوة الأمر عدل في العبودية واحسان إلى المولى، وهو من العناوين الممدوح على فاعلها بالذات، ولا يعقل تخلف هذا العنوان الحسن بالذات عن الفعل المأتي به بداعي الأمر كما لا يعقل تخلف كونه ممدوحا على فاعله عن هذا العنوان الحسن بالذات، ومن الواضح أن ترتب فائدة دنيوية على هذا الفعل الممدوح على فاعله لا يخرجه عن كونه ممدوحا على فاعله، فلا يعقل اعتبار غير حصول العنوان الحسن بالذات في صيرورة الفعل ممدوحا على فاعله، كما لا يعقل مانعية ترتب غرض على الممدوح عن وقوعه ممدوحا على فاعله مع فرض ترتبه عليه، فإن ما يتفرع على الشئ لا يعقل أن يكون مانعا عنه.
ومما يشهد لما ذكرنا التسالم على صحة الصلاة المأتي بها بداعي الأمر إذا كانت غاية الامتثال جلب الثواب أو دفع العقاب، وكون الثواب والعقاب منه تعالى لا يوجب اتصاف الفعل بعنوان حسن مضاف إلى المولى بذاته ليكون ممدوحا عليه حتى طولا، فإن كل نفع وضرر منه تعالى، بل كل موجود ينتهي بسلسلة مباديه وعلله إلى واجب الوجود، ومنه تعرف أنه لا يعقل تأكد العبادية والاخلاص بهما فإنه إنما يعقل ذلك إذا كانت الغاية بحيث تكون مصححة بذاتها للعبادية، مع أنه من المتسالم عليه أنه لو صلى بداعي الثواب أو الفرار من العقاب لم تصح صلاته، ولذا