الواجب متمحضا فيه تعالى من دون مساس للغير كما هو كذلك في الواجبات النظامية، فإن العمل مما يستحقه الغير وتمليك المالك محال سواء كان بعوض أم بغير عوض، فتدبر جيدا.
(ثانيها) تخصيص الجواز بصورة سبق قيام من به الكفاية بالعمل كما عن جامع المقاصد وفيه أولا أنه مناف لاطلاق كلام الأصحاب. وثانيا أنه ينقل الكلام إلى من قام بالعمل أولا فإنه لا شبهة عندهم أنه كغير في جواز الإجارة وأخذ الأجرة.
(ثالثها) ما نسب إلى صاحب الرياض " رحمه الله " من اختصاص المنع بالواجبات الذاتية النفسية كدفن الميت وتعليم الأحكام، لا الواجبات المقدمية كالصناعات التي هي مقدمة لحفظ النظام الواجب (1). وفيه أن المنع ليس لدليل لبي يؤخذ فيه بالمتيقن ولا لفظي ليدعى انصرافه عن الواجب الغيري، بل المانع أمر عقلي ينافي طبيعة الوجوب نفسيا كان أمر غيريا.
وأما دفعه كما عن بعض أعلام العصر " قدس سره " " بأن تلك الصناعات مع انحفاظ النظام متحدان في الوجود كالالقاء والاحراق والضرب والتأديب.
والمقدمة المتحدة الوجود مع ذيها لا تجب بوجوب مقدمي لاستحالة التوصل بشئ إلى نفسه. فالواجب شئ واحد وهي الصناعة التي هي عين حفظ النظام بها " (2)، فيعود المحذور فهو مدفوع بما حقق في محله من أن الفعل التوليدي يستحيل أن يكون متحد الوجود مع المتولد منه، لا تحاد الايجاد والوجود بالذات، فكما أن وجود الحرق غير وجود الملاقاة كذلك ايجاده المعبر عنه بالاحراق غير ايجاد الملاقاة المعبر عنه بالالقاء فكذا الخياطة وحفظ النظام ايجادا ووجودا.
(رابعها) ما عن جماعة من أن المنع عن أخذ الأجرة يوجب اختلال النظام