التصرف الوضعي المعاملي محفوظة وعدم وجوب العمل ليس من الشرائط. نعم إباحة العمل في قبال حرمته من الشرائط كما سيجئ إن شاء الله تعالى في محله.
فإن قلت: من شرائط نفوذ المعاوضات القدرة على التسليم، ومع الوجوب لا قدرة له على الفعل والترك معا شرعا، والقدرة لا تتقوم بطرف الفعل فقط أو بطرف الترك فقط.
قلت: مدرك اعتبار القدرة على التسليم إن كان وجوب الوفاء بالعقد والعمل وفاء فمن الواضح أن وجوب العمل يتأكد بوجوب التسليم لا أنه ينافيه، وإنما المنافي له حرمة العمل، فإنه مع وجوب الوفاء المفسر بوجوب ايجاده متنافيان، وإن كان مدرك الاعتبار لزوم رفع الغرر كما مر مرارا فيكفيه امكان الحصول للمتعاملين سواء كان البائع والمشتري قادرين شرعا أو عقلا أم لا، وامكان حصول العمل المستأجر عليه خارجا مفروض في المقام بلا كلام.
ويندفع الوجه الرابع بأن اقتضاء الايجاب للملك إما بملاحظة أن الملك مساوق للسلطنة وحقيقتها زمام العمل بيده فعلا وتركا، والفعل قبل الايجاب مملوك للمكلف بهذا المعنى، فإذا أوجبه عليه فقد انتزع الأمر من يده وأخذه زمام الأمر بيده، فهو المالك للأمر، وإما بملاحظة أن الملك وإن كان غير السلطنة بل كان بمعنى الاحتواء والإحاطة فقبل الايجاب لا احتواء من الشارع لنفسه بل كان المحتوي له هو المكلف فإذا أو جبه الشارع وعينه عليه فقد احتواه لنفسه وعينه لشخصه وله والإحاطة عليه هذا فإن كان دعوى الملك الاعتباري بالملاحظة الأولى فهي مدفوعة بأن كون زمام الأمر بيد المكلف بمعنى أنه له فعله وله تركه تكوينا، وبهذه المعنى دائما للعبد لا للشارع، وإنما للشرع زمام الأمر تشريعا فله رفعه وله وضعه، وهذا المعنى ثابت للشارع قبل الايجاب وبعده. نعم تزول بالايجاب السلطنة التكليفية فليس زمام العمل بيد المكلف شرعا، وهذا معنى زوال الإباحة الخاصة المضادة للوجوب، إما أن الايجاب يقتضي كون زمام العمل بيد الشارع تكوينا أو تشريعا فلا كما عرفت.