إنه مال ولا يضمن بالفوات إما لعدم إضافة المال إلى الحر بإضافة الملكية وإما لعدم كون المنفعة مما يستولى عليه إلا عند استيفائه غير وارد، لأن عدم ضمانه ليس من ناحية عدم المالية بل من ناحية عدم موجب الضمان، مع أن مثل هذه المنافع مع استيفائها غير مضمونة فيكشف عن عدم ماليتها. فالجواب حينئذ تسليم عدم الضمان وعدم المالية، وأن الإجارة غير متقومة بمالية المنفعة كما عرفت.
ويمكن أن يقال: إن الفرق بين المنافع المقصودة وغيرها أن المنافع المقصودة حيث إنها من لوازم وجود العين نوعا فهي مقدرة الوجود دائما بتبع وجود العين تحقيقا فهي مصححة لمالية العين بقول مطلق ومال كذلك بخلاف المنافع غير المقصودة فإنها مقدرة الوجود أحيانا عند مسيس الحاجة إليه فهي مال في فرض خاص لا بقول مطلق، والشاهد على أنها مال في هذا الفرض أنها مقومة عند العرف وبلحاظه يدخل فيها الغبن، فالشم عند تقدير وجوده له قيمة بحيث لو زادت الأجرة على ما يتعارف في مثله وكان التفاوت بما يتغابن فيه عرفا أن له خيار الغبن، وهذه القيمة ليست بالاقتراح كما في بذل المال بإزاء الخلع، فإنه تابع لاقتراح الزوج من دون أن يكون له في العرف والعادة ملاك وميزان، وعليه فكل ماله تقدير الوجود دائما كما في المنافع المقصودة فهي مضمونة إذا تحقق فيها موجب الضمان، وكل ماله تقدير الوجود عند مسيس الحاجة إليه كما إذا استأجر الدينار للتزيين فهو أيضا مال مملوك، فهو أيضا مضمون عند حصول موجب الضمان فضلا عما إذا تحقق وجوده كما إذا استوفى هذه المنفعة.
وأما إذا لم تكن المنفعة محققة الوجود بالاستيفاء ولا مقدرة الوجود بايقاع عقد الإجارة، فلا مال ولا مملوك حتى تكون مضمونة ولو كانت العين تحت اليد.
ومما ذكرنا تبين صحة الإجارة مع الالتزام بالمالية مع عدم الضمان مع عدم كون المنفعة مقدرة الوجود أو محققة الوجود، وحينئذ فدعوى أنه لا تضمن هذه المنفعة ولو باستيفائها كما يؤمي إليه كلام بعض الأعلام " رحمه الله " غير وجيه، كما