بغير إذنه " (1). وبقوله عليه السلام: " لا يحل مال امرئ إلا عن طيب نفسه " (2).
ثانيتهما: حيثية ماليته، ومقتضى حرمتها أن لا يذهب هدرا وبلا تدارك، فلا يجوز أن يعامل مع مال المسلم معاملة الخمر والخنزير مما لا مالية له شرعا ولا يتدارك بشئ أصلا، ومن الواضح أن الايجاب واللابدية والمقهورية وسقوط إذنه ورضاه كلها موجبة لسقوط احترام العمل من الحيثية الأولى دون الحيثية الثانية، فإن كل تلك الأمور أجنبية عن هذه الحيثية من الاحترام، ولذا جازا كل مال الغير في المخمصة من دون إذنه مع بقاء المال على حاله من احترامه ولذا يضمن قيمته بلا اشكال، مضافا إلى أن هدر المال غير هدر المالية كما في مال الكافر الحربي، فإنه ساقط الاحترام من الجهتين، فيجوز أخذه منه وتملكه بغير عوض بدون إذنه، ومع ذلك فهو مال ومملوك للحربي، ولذا يجوز ايقاع المعاملة عليه واستيجاره على عمله، وما يضر بالإجارة كما يضر بالبيع هدر المالية كالخمر والخنزير، فإنه المنافي لجعل الثمن في قباله ولأخذ الأجرة عليه لا هدر المال. فتدبر جيدا.
ويندفع الوجه الثالث بما مر أيضا مرارا من أن ملك التصرف تارة يراد به السلطنة تكليفا لانتزاعها من جواز العمل فهو غير مصدود من قبل الشارع فله شرعا فعله وتركه وزوال هذا الملك بأحد الأمرين من الايجاب والتحريم لمضادتهما مع الإباحة الخاصة مسلم إلا أنه لا يجدي كما سيأتي إن شاء الله تعالى. وأخرى يراد به السلطنة وضعا وهي القدرة على التصرف المعاملي، وهذه السلطنة تابعة لاستجماع السبب المعاملي لكل ما يعتبر فيه من حيث كونه لفظا عربيا ماضويا منجزا غير معلق، ولما يعتبر في مورده من كونه ملكا طلقا لم يتعلق به حق الغير مثلا، ومن حيث كون المتعاملين بالغين عاقلين مختارين غير مكرهين ولا محجورين بأحد أسباب الحجر، ومن البديهي أن الوجوب لا يزيل شيئا من هذه الأمور، فسلطنته على