فتدبره جيدا.
وإن كان دعوى الملك بالملاحظة الثانية فهي مدفوعة بأن طبيعة الايجاب تقتضي تعين العمل على المكلف ولا بديته منه لا تعين العمل لنفسه أو لغيره، ومنه تبين أن ايجاب عمل للغير كالتجهيز لا يقتضي ملك الغير بل المتقضي جعل العمل للغير لا ايجاب العمل للغير، وهل هذا إلا كاستيجار الأجير لخياطة ثوب زيد أو بناء داره، فإن مجرد كون العمل له مساس بالغبر لا يوجب كونه مملوكا للغير.
وما ذكرنا هو الجواب عن دعوى اقتضاء الايجاب للملك لا المناقشة في أن ملكه تعالى ليس من سنخ ملك العباد، فإنه وإن كان كذلك إلا أن ثبوت ذلك الملك المساوق لإحاطته الوجودية بالاملاك وملاكها لا ينافي ثبوت ملك اعتباري له يترتب عليه بعض الآثار، وبقية الكلام في محله.
ويندفع الوجه الخامس بأن عدم زوال آثار الوجوب الذاتي لا ينافي زوال آثار الوجوب العرضي، فالاقالة توجب انتفاء وجوب الوفاء بالإجارة لا وجوب العمل ذاتا والابراء يوجب عدم استحقاق المستأجر للعمل لا عدم وجوبه في نفسه، والتأجيل يوجب عدم لزوم التعجيل من حيث استحقاق المستأجر لا من حيث اقتضاء وجوبه في نفسه للفورية، فلا مانع من صحة الإجارة وترتب هذه اللوازم من حيث الإجارة لا من حيث وجوبه الذاتي.
ويندفع الوجه السادس بأن تعين العمل منه المساوق لليقين بصدوره منه هو الموجب للغوية البذل واندراج الإجارة في المعاملة السفهية دون تعين العمل عليه شرعا فقط، فإنه لا يوجب لغوية البذل للاتيان بأصله أو للتعجيل في إتيانه.
ويندفع الوجه السابع بأن مجرد كون الواجب ذا فائدة عائدة إلى من وجب عليه، نظرا إلى القواعد المقتضية لاشتمال كل واجب على مصلحة لزومية راجعة إلى المكلف لا ينافي أن يكون ذا فائدة عائدة إلى المستأجر أيضا وبالجملة الإجارة ليست بلحاظ تلك المصلحة العائدة إلى شخص العامل، ولا الايجاب يقتضي عدم اشتمال الفعل على فائدة عائدة إلى المكلف، ولو فرض في بعض الواجبات عدم