ملاحظة وجود المكلف مطلقا من حيث تحصصه بحصة أو تشخصه بمشخص. وعليه فإذا لوحظ طبيعي وجود المكلف بالحمل الشايع لا بشرط فلا محالة إذا تعلق بمثله تكليف بفناء العنوان في معنونه يكون جميع حصص المكلفين وأشخاصهم مكلفين به لا بما هم حصص وأشخاص بل بما هم وجود المكلف، ونتيجة اللا بشرطية نتيجة ملاحظة الكلي الساري في أفراده، فالأجير بما هو وجود المكلف محكوم بالفعل، وفعله مملوك لله تعالى، وإيجاب فعله مسقط لاحترامه وسالب لقدرته على الترك، فتعود المحاذير المتقدمة.
وأما الابتناء فنقول: سلمنا أن الأجير لم يتعلق به التكليف بوجه أصلا إلا أنه لا شبهة في أن قيامه بالواجب يوجب امتثال التكليف، وإلا لم يعقل التكليف الذي لا يعقل امتثاله، وليس ذلك إلا من حيث صدق صرف وجود المكلف عليه، وإذا كان الفعل من صرف وجود المكلف مملوكا لله تعالى ومسلوب الاحترام والقدرة فعمل الأجير مصداق للمملوك له تعالى ومصداق لما سلب احترامه والقدرة على تركه.
و (أما الثالث) وهو ملاحظة وجود المكلف بنحو الكلي الساري في جميع أفراده بحيث يكون الحكم ساريا عقلا بسريان الكلي في أفراده فحكمه متحد مع تعلق الحكم بذوات الآحاد ولو بنحو فناء العنوان في معنونه وبطور ملاحظة الأفراد الأعم من المحققة الوجود والمقدرة الوجود بنحو القضية الحقيقية، فلا بد من امتياز الواجب الكفائي عن الواجب العيني بخصوصية توجب سقوط امتثال هذا التكليف الساري أو المتعدد بتعدد موضوعه لحاظا دون الواجب العيني، وتلك الخصوصية أحد أمرين.
إما إناطة الوجوب في الكفائي بعدم الفعل من الآخر، وإما كون الوجوب مشوبا بجواز الترك مع فعل الآخر.
أما الأول: فالمبنى غير صحيح، لأن لازمه عدم حصول امتثال التكليف، لعدم الوجوب رأسا إذا صدر الفعل منهما مع دفعه لعدم مقارنة الفل من أحدهما مع الترك من الآخر، وهو على الفرض شرط الوجوب، ولا يذهب إليه أحد.