منوبا عنه، لا أن العامل قبل العمل يجعل نفسه بمنزلة المتبرع عنه ثم بعد التنزيل ومشاهدة نفسه نفس المنوب عنه يأتي بما يجب على المنوب عنه (نعم) هذا التنزيل واقع من الشارع إذ هو وسع متعلق تكليفه بما إذا صدر عن المكلف المتوجه إليه التكليف بالمباشرة أو عن الذي يصدر عنه بداعي تفريغ ذمة من توجه إليه التكليف وذلك بعد فرض دخول النيابة فيه وسقوط ذمة المتبرع عنه بعمل المتبرع.
وليس التوسع في متعلق التكليف باعتبار أهميته عن المباشرة والتسبيب إذ ليس الصادر عن المتبرع بتسبيب من المتبرع عنه أصلا سواء كان من قبيل التسبيب في باب الضمان أعني ايجاد مقدمة اتلاف مال الغير التي لا يتوسط بينها وبين التلف مقدمة اختيارية كما إذا حفر بئرا في الطريق فوقع فيه الغير أو من قبيل التسبيب في مثل " بنى الأمير المدينة " الذي هو بمعنى آخر من التسبيب (وهو المعنى الأعم من التسبيب في باب الضمان أعني سواء كان بتوسط المقدمة الاختيارية أم لا).
وجه انتفاء التسبيب في العمل الصادر عن المتبرع هو امكان تحققه عن المتبرع حتى مع عدم اطلاع المتبرع عنه بل ولو مع اطلاعه وعدم رضاه بل ولو مع نهيه كما إذا نهى الولد الأكبر غيره عن التبرع بالعمل فلم ينته و أتى بالعمل بداعي تفريغ ذمة الميت فإنه يصح ويحصل براءة ذمة الميت و براءة الولد الأكبر أيضا مع أنه ليس في هذ الصورة تسبيب أصلا لا من الميت ولا من الولي ومع ذلك يصح عمل المتبرع، وهذا كاشف عن أن المعيار في صحته ليس هو التسبيب كما ظهر أنه ليس هو التنزيل ولا قصد امتثال الأمر المتعلق بالمتبرع، بل المصحح هو ما ذكرناه من كونه قاصدا في اتيانه تفريغ ذمة الغير وهو متوقف على قصد امتثال الأمر المتعلق بذلك الغير.