المتبرع عنه فيجب (ح) أن يتفحص عن عمل المتبرع وتشخيص معياره، ثم جعله معيارا لعمل الأجير وعمل المتبرع في كونهما واقعين عن الغير وفي كون كليهما متعلق الأمر إلا أن الأمر المتوجه إلى الأجير أمر وجوبي أعني الأمر بالوفاء بالعقد والأمر المتوجه إلى المتبرع ندبي (فنقول) لا شبهة في أن المتبرع إنما يأتي بالعمل بداعي تفريغ ذمة الغير ويكون داعيه في عمله هو تخلص المتبرع عنه عما ثبت في ذمته من التكليف فيكون في اتيانه بما يفرغ به ذمة الغير قاصدا لامتثال الأمر المتوجه إلى المنوب عنه وذاك الأمر هو الداعي له والباعث إياه نحو العمل إذ لولا اشتغال ذمة المتبرع عنه من ناحية الأمر المتعلق به لما كان المتبرع آتيا بالعمل، فداعي اتيانه به هو حصول امتثال ذاك الأمر وهو منبعث عنه وليس ملاك عبادية عمله هو قصد امتثال الأمر الندبي المتوجه إليه، ضرورة امكان أن لا يقصد امتثاله أصلا مع أنه لو فرض انحصار الداعي في قصد امتثال ذاك الأمر لم يقع عن المتبرع عنه لأن وقوعه عنه إنما هو باتيان ما وجب عليه وهو متوقف على اتيانه بداعي الأمر المتوجه إلى المتبرع عنه لكي يكون آتيا بما وجب عليه، فلو لم يأت بداعي أمره بل أتى بداعي الأمر المتعلق بالمتبرع لم يرتبط العمل بالمتبرع عنه أصلا فلم يكن العامل في عمله متبرعا عنه.
وليس العامل في عمله ينزل نفسه منزلة المنوب عنه لكي يتعلق بسبب التنزيل أمر المنوب عنه إليه حتى يكون الأمر المتعلق بالمنوب عنه متوجها إلى النائب ادعاه أعني بادعاء كونه منوبا عنه وذلك لعدم تنزيل من النائب بل إنما نيابته عبارة عن نفس اتيان العمل بداعي تفريغ ذمة المتبرع عنه، فهذا الفعل الخارجي أعني العمل المأتى به بداعي تفريغ ذمة الغير هو مصداق النيابة وبنفس ذاك العمل يصير المتبرع نائبا والمتبرع عنه