والحاصل أنه بالتفصي بغير التورية يخرج المورد عن الاكراه و يرفع موضوعه بخلاف التفصي بالتورية فإن الاكراه محفوظ معه بحيث لو علم المكره بتوريته لا وقع عليه ما توعد عليه هذا، ولا يخفى ما فيه فإن ما به يحصل الأمن عن الضرر في غير التورية. إنما هو فعلية التفصي بغير التورية بمعنى أنه لو تفصى عن الضرر بغير التورية كبعث الشفيع ونحوه يرتفع الاكراه وهذا لا كلام فيه وإنما الكلام في أنه مع امكان التفصي بغير التورية لو لم يتفصى وأتى بفعل المكره عليه هل يصدق الاكراه أم لا.
والحاصل أن الرافع للاكراه هو فعلية التفصي لا امكانه، ضرورة أنه ما لم يتحقق التفصي يكون الاكراه على حاله فالتفصي بالتورية مشترك مع التفصي بغيرها في تحقق الاكراه عند عدم فعليتهما وإن كانا مغايرين بعد فعلية التفصي برفع الاكراه بفعلية التفصي بغير التورية دون فعلية التفصي بها إلا أن الكلام في المقام إنما هو في صورة ترك التفصي واتيان الفعل المكره لا الاقدام على التفصي وترك الفعل المكره عليه عند التفصي بغير التورية وإلى هذا الاشكال أشار المصنف قده في آخر كلامه بأمره بالفهم.
ولكن يمكن تصحيح الفرق بينهما قبل فعلية التفصي. بدعوى عدم الاكراه في الاقدام على البيع المكره عليه مثلا مع التمكن من التفصي عنه بغير التورية بخلاف الاقدام عليه مع التمكن من التفصي عنه بالتورية، وبيانه إن المتمكن من التفصي بغير التورية مع التفاته إلى تمكنه لو ترك التفصي وأتى بالفعل المكره عليه يكون تركه التفصي واختياره الفعل كاشفا عن قصد وقوع مضمونه بالمعنى الاسم المصدري من جهة لسهلية وقوعه عنده عن فعل ما يتفصى به فيرتفع الاكراه (ح) قطعا لكون المناط في الاكراه عدم قصد وقوع معنى الاسم المصدري وهذا بخلاف ترك التورية واختيار الفعل المكره عليه