واليمين تصير مرجوحا بسبب صيرورتها مكرها عليه.
إذا عرفت ذلك فنقول البحث عن امكان التفصي تارة بالنسبة إلى الاكراه في الاقدام على المحرمات كالاكراه على شرب الخمر مثلا، وأخرى بالنسبة إلى المعاملات، أما بالنسبة إلى المحرمات، فلا اشكال في اعتبار العجز عن التفصي بغير التورية في جواز اقتحام الحرام بسبب الاكراه، لأنه مع التمكن من رفع ضرر المكره بايجاد ما ينصرفه عن إرادته فلا يكون صدور الفعل عن المكره بالفتح بالإرادة الحاصلة من ايعاد المكره بالكسر بل إنما هو باختيار منه، وأما باعتبار العجز عن التفصي بالتورية فالمختار عند المصنف قده هو عدم اعتبار فيصح الاقدام على الحرام عند الاكراه عليه، ولو مع امكان التفصي عنه بالتورية، واستدل له بقضية عمار حيث أكره هو وأبواه على الكفر وامتنع أبواه فقتلا وتكلم به هو ونجى وجاء إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم باكيا وقص عليه القصة فقال صلى الله عليه وآله وسلم إن عادوا عليك فعد من غير أن ينبهه على التورية عند امكانها فيدل على جواز التكلم بكلمة الكفر ولو مع امكان التورية هذا محصل مراده قده.
ولا يخفى ما فيه إذ التكلم بالكفر من المسلم المطمئن قلبه بالايمان لا يكون إلا عن التورية بمعنى أن المتكلم به لا يقصد به المعنى، ولا يكون مريدا للمعنى في مقام الاستعمال بل إنما يلغى اللفظ من غير إرادة معناه أصلا وقد عرفت أن هذا هو حقيقة التورية فترخيصه (صلى الله عليه وآله وسلم) إياه بالإعادة على كلمة الكفر لو عاود عليه إنما هو ترخيص في التورية وإنه عين الترخيص فيها، فلا دلالة في هذا القضية على جواز ارتكاب المحرم عند الاكراه عليه ولو مع التمكن من التورية هذا، وأما بالنسبة إلى المعاملات فالمذكور في أول العبارة هو خروج ما أكره عليه عن الاكراه عند التمكن من التفصي بالتورية أو بغيرها