ومما ذكرنا يمكن المناقشة في التمسك بخبر تحف العقول أيضا فإن غاية ما يستفاد منه هو صحة البيع إذا كان في الشئ جهة من جهات الصلاح، وقد عرفت أنه مع الشك في مالية الشئ يشك في تحقق عنوان البيع عرفا فكيف يتمسك بالخبر على جوازه؟
ويمكن أن يقال بصحة التمسك بالعمومات بعد احراز مقدار من المنافع المحللة مع الشك في كونها مقومة للمالية (وتوضيح ذلك) أنه قد يكون الشك في أصل المنفعة المقومة لمالية الشئ بحيث يكون الشك فيه منشأ للشك في ماليته وفي تعلق حق الاختصاص به، وقد يكون مقدار من المنفعة التي يثبت بها حق الاختصاص معلوما وكان الشك في ماليته بعد الفراغ عن تعلق الاختصاص به (فعلى الأول) لا يصح التمسك بشئ من العمومات لما عرفت من كون الشبهة مصداقية (وأما على الثاني) فلا بأس بالتمسك بها، أما آية التجارة أعني قوله تعالى " تجارة عن تراض " التي هي أعم ما في باب المعاملات فواضح، لمكان صدق التجارة بعد فرض احراز ثبوت حق الاختصاص فيه، وإنما الشك في ماليته، ولا مانع من شمول الآية الكريمة له بعد صدق التجارة عليه عرفا، وأما آية " أوفوا بالعقود " فلأنها وإن اعتبر في التمسك بها احراز صدق العقد ولا يمكن احراز ذلك بعموم الآية لأنها متكفلة لاثبات حكم العقد على تقدير تحققه لا لاثبات عقدية ما يشك في عقديته، (لكن بعد اعتبار) مقدار من المالية في المقام الموجبة لتحقق حق الاختصاص يصدق العقد والعهد على فعل المتعاملين، ومعه فلا مانع عن التمسك بها لصحته (وأما آية أحل الله البيع) فقد عرفت ابتناء المنع عن التمسك بها على كون البيع مبادلة مال بمال، وهو وإن كان مفسرا بها في اللغة إلا أن مبادلة المال بالمال ليست مذكورة في نص شرعي والظاهر من معناه العرفي هو مبادلة شئ بشئ ومعاوضة طرف إضافة بطرف إضافة