وهذا بخلاف عدم الشئ فإنه لا يتوقف على عدم مقدماته إذ مع تحقق مقدماته أيضا يمكن تركه إذا كان صدوره بعد تحققها اختياريا (فح) لا يتوقف عدمه على عدم جميع المقدمات حتى يكون عدم المقدمات مطلوبا من ناحية مطلوبية عدمه (نعم) هذا يتم في العلة التامة فإنها تصير حراما بالحرمة المقدمية لمكان استحالة تخلف الحرام عنها، لكنه خارج عن هذا القسم بل هو من القسم الأول لأن الضابط فيه عدم تخلل الإرادة بين المقدمة وبين ذبها، كما أن ضابط هذا القسم هو بقاء الاختيار بعد تحقق المقدمة.
(الثالث) أن لا تكون المقدمة آخر ما ينتهي إليه المقدمات الخارجية سواء وقعت بعدها مقدمة واحدة أو أزيد ولكن مع قصد الفاعل في اتيانها التوصل إلى الحرام، وذلك كشراء العنب بقصد التخمير فيما إذا لم يكن الشراء مقدمة أخيرة لعمل الخمر، وعدم الحرمة في هذا القسم أولى من القسم الثاني لأبعدية صدور الحرام عن فاعل هذه المقدمة من القسم المتقدم، وأظهر من هذا القسم في عدم الحرمة (القسم الرابع) وهو ما لا يكون قصده في اتيان المقدمة الغير الأخيرة التوصل إلى الحرام، كما إذا اشترى العنب لا لأجل أن يتوصل به إلى التخمير لكنه بدا له التخمير بعد الاشتراء، فإنه لا شبهة في عدم حرمة شرائه وإلا يلزم حرمة أكثر ما يصدر من الانسان من الأفعال لأن لهاد خلا في صدور ما يصدر منه من الحرام (فتحصل) مما ذكرنا انحصار حرمة مقدمة الحرام بالقسم الأول وإن شراء العنب ولو كان بقصد التخمير لا دليل على حرمته حتى يكون البيع إعانة للحرام.
(فإن قلت) شراء العنب بعنوان التوصل إلى الحرام تجري على المولى فيكون حراما بعنوان التجري ويكون بيعه إعانة على التجري المحرم؟
(قلت): هذا مدفوع (أما أو لا) فلأن الشراء لا ينطبق عليه التجري بالمعنى الأخص إلا إذا تخلف عن عزمه بأن لا يجعله خمرا بعد ما كان قاصدا للتخمير