وبين رضى المالك ببيع ماله عن المأذون لأنه في الأول رضى المالك غير متحقق بخلاف الثاني حيث إن المالك أجاز وأذن في بيع ماله ومع رضاه لا يحتاج إلى رضى آخر فالتحقيق هو وقوع البيع عن المالك بلا حاجة إلى إجازة جديدة بل نفس الإذن السابق كاف في الحكم بوقوعه ويكون هو بعينه نظير بيع الغاصب لنفسه المتعقب بإجازة المالك حيث يقع للمالك لا للغاصب من غير فرق بينهما أصلا إلا أنه في بيع الغاصب يكون الإذن متأخرا عن البيع وفي المقام يكون متقدما عليه.
هذا كله تمام الكلام في حكم الإذن في التصرفات المتوقفة على الملك وأما بيان أن أيا من التصرفات متوقف على الملك وأيا منها غير متوقف عليه فاعلم أن المسلم منها هو توقف البيع والعتق والوطئ على الملك وذلك لما ورد من قوله عليه السلام لا بيع إلا في ملك ولا وطئ إلا في ملك ولا عتق إلا في ملك وهذا مما لا اشكال فيه إلا أنهم فرقوا بين العتق وبين البيع والوطئ وحكموا بصحة وقوع العتق عن المأذون بواسطة إذن المالك دون البيع والوطئ ووجه الفرق هو صحة التبرع في العتق بأن يعتق المالك عن غيره تبرعا كما يصح أداء ديون الغير عنه تبرعا بخلاف البيع إذ لا يصح أن يبيع أحدا مال نفسه عن غيره تبرعا بأن يتصرف المالك في ماله في البيع ويقع عن غيره وإذا كان عتقه عن غيره تبرعا صحيحا بالمباشرة فيصح أن يأذن غيره في ايقاعه ولو كان هو المتبرع عنه فبهذه النكتة امتاز العتق عن الوطئ والبيع هذا.
وذكر الشهيد قده ثلاثة موارد أخرى مما يتوقف التصرف فيها على الملك وهي اخراج المال زكاة أو خمسا أو ثمنا للهدي وادراج هذه الثلاثة فيما يتوقف صحته على الملك مبني على أن تكون هذه الأمور متعلقة بالأعيان