ناحية الأسباب التي تكون وظيفة الشارع، وربما يقال بالعدم وذلك لأنه وإن لم يكن تصرفا في ناحية الأسباب إلا أنه يوجب تخصيص عموم ما يدل على توقف هذه التصرفات على الملك (والتحقيق) أن يقال: أنه لا شبهة في اعتبار الملك في الصدقة والوقف والعتق بمعنى اعتبار كون المتصدق والواقف والمعتق مالكا لما يتصرف فيه.
وأما البيع فهل هو كالصدقة ونحوها في اعتبار دخول كل من العوضين في ملك من خرج عنه الآخر فيعتبر فيه مالكية كل من البايع والمشتري للمثمن والثمن؟ أو يصح خروج أحدهما عن ملك شخص ودخول الآخر في ملك ثالث؟ قد يقال بالثاني وذلك لأن المعتبر في مفهوم البيع هو كون خروج كل من العوضين مع العوض في مقابل الهبة التي هي خروج بلا عوض، وأما دخول العوض في ملك من خرج عنه المعوض فقير لازم (قال الأستاذ دام بقائه) وقد يظهر التعرض له عن بعض مطاوي كلام الشيخ (قده) وذكره أستاذه (قده) وجها واختاره جملة من أصحابه، ولكن التحقيق منافاته مع مفهوم البيع وحقيقته (وتوضيحه) أنه تقدم سابقا في تحقيق معنى البيع أن بين البايع والمثمن إضافة خاصة كالخيط المشدود أحد طرفيه على رقبة المالك والطرف الآخر على المال وكذا بين المشتري والثمن فالبيع في عالم الاعتبار يمكن أن يكون عبارة عن حل البايع ماله عن طرف تلك الإضافة (مع بقاء إضافته) وشده على إضافة المشتري وحل المشتري الثمن من طرف خيطه وشده في موضع المثمن هذا هو الظاهر من تعريفه لغة وعرفا أعني تبديل مال بعوض بحيث تكون المبادلة بين المالين والطرفين لا بين نفس الإضافتين ويمكن أن يكون اعتباره بتبديل الإضافة بالإضافة وعلى كلا التقديرين فاللازم هو اعتبار خروج كل من العوضين عن ملك من دخل في ملكه الآخر (أما على الأول) فظاهر فإنه إذا فك المبيع عن طرف الإضافة: