الاختلاف في السليقة والمشية بين نبيين معصومين إذا لزم عن هذا الاختلاف توجيه الاتهامات الباطلة من نبي إلى آخر بالتقصير أو عدم تقدير الأمور، خاصة إذا وصل الأمر إلى حد القيام بأمور كأنها مقدمة لضربة، كما ذكر العلامة الطباطبائي (قده).
ولا شك أن الدليل لم يقم على منع إقدام نبي على ضرب نبي آخر وحسب، بل قام أيضا على منع صدور أي مقدمة لهذا الفعل.
لكن المفارقة هنا، لماذا لم يحرض " الكاتب " على رأي السيد الطباطبائي (قده) ويقول له بأن هذا الحديث عن الاختلاف في السليقة، والذي لم يقم الدليل على منع صدوره من المعصوم مما لم يتفطن إليه المفسرون كما حرض على ما ذكره العلامة المحقق!!.
وما قيل حول رأي العلامة الطباطبائي، يقال أيضا حول رأي الشيخ مغنية، لأن ما ذكره الأخير من أن " العصمة لا تحول الإنسان عن طبيعته " أمر مخالف لأبسط تعاليم الإسلام وأوضح أخلاقياته، إذ لو كان الأمر كذلك، لأضحت إرشادات أهل البيت (ع) وتعاليمهم الأخلاقية حول الحلم، وضبط النفس، والغضب، لا طائل منها ما دامت غير قادرة على تهذيب هذه الطبيعة، وترويض هذه النفس.
فكلام الشيخ مغنية في غير محله، لأنه يخالف ما هو بديهي لدى كل أحد من أن الإسلام أولى عناية خاصة في تعاليمه وأحكامه لتهذيب النفس الإنسانية.
فقد حرص الإسلام في تعاليمه على أن ينحصر غضب الإنسان لله، لكنه الغضب النابع من معرفة دقيقة بالمغضوب عليهم وبالجرم الذي ارتكبوه، أما الغضب الذي يؤدي إلى الإساءة إلى أشخاص وأفراد، واتهامهم بأي نوع من أنواع التهم قبل التثبت منها، فإنه غير مقبول، وإن كان هذا الغضب لله، فإن الله لا يطاع من حيث يعصى، لذلك كله، فإن أعلام التفسير " تفطنوا " إلى ما تفطن إليه العلامة الطباطبائي (قده) والشيخ مغنية (قده)، لكنهم رأوا أن ذلك غير كاف في حل الإشكالية، ولا ينسجم مع الأدلة التي قامت على العصمة ونهضت بها.