ومتسالم عليه في المذهب، مما دل عليه الدليل والبرهان لا ما تجترحه الأوهام والخيالات في أجواء العجيج والضجيج، وفي صخب الزغاريد والأهازيج..
العقل والغيب ومهما يكن من أمر، فإن من كان هذا حاله، كيف يجوز الاطمئنان إليه، في دلالة الناس على الحق، وهو ما فتئ يلبس على الغير، ويشكك فيما عنده وفيما ورثه. وليس ذلك بغريب، لأن المعرفة التي يحملها ليست من سنخ المعرفة التي أنتجتها مضامين التراث، وتكونت بها مقاصده، وهي المعرفة التي تصل العقل بالغيب وتربط العلم بالعمل. أما المعرفة التي تقابلها، مما رضيها لنفسه، ويحاول أن يفرضها على غيره، فهي مجرد هواجس، تقطع العقل عن الغيب وتفصل بين العلم والعمل.
محاولة استكشاف أصل المشكلة ولو أردنا أن نسعى لاكتشاف جذور المشكلة عند هؤلاء، وسبب انحرافهم عن جادة الصواب، وتنكرهم للتراث، فإن محاولة تلمس بعض السمات الرئيسية لمسلكهم المعرفي، وتكون شخصيتهم الفكرية، يتيح لنا معرفة المسلك العام لمثل هذا المشروع.. ونحن سنحاول ذلك فيما يلي فنقول:
الثقافة المنفردة بداية، لا بد من التطرق إلى زاوية مهمة من الزوايا التي تسمح بإلقاء نظرة على قضية أساسية، تساعد في توسيع دائرة الرؤية، لحيثية تشكل مفصلا مهما في الانحراف أو الانزلاق نحو متاهات غير محسوبة النتائج والعواقب. وما نتحدث عنه هو قيام " البعض " بالعمل على تكوين بنية ثقافية عامة وواسعة بشكل منفرد ومنعزل، من خلال قراءة الكتب ومطالعتها على تنوعها واختلافها وتشعبها. إذ ثمة فرق كبير بين من هو كذلك، وبين آخر يعمل في دائرة علمية واسعة متشكلة من مجموعة كبيرة من رواد المعرفة، وتحت إشراف أساتذة كبار كفوئين تقوم بينهم روابط متينة من التواصل والتباحث، وتدور فيما بينهم المناقشات والمطارحات حول المسائل، الأمر الذي يؤثر في بلورة واستخراج