ولكن، ربما قد فات " الكاتب ": أن ليس كل من باع دينه قد باعه بالضرورة بدنياه، فلعله قد باعه بدنيا غيره، فيكون قد خسر الدينا والآخرة معا وذلك هو الخسران المبين.
رابعا: لكل خطوة مبرر وحجة قد مر معنا أن " الكاتب " قد شدد وتوسل، في مقدمة رسالته الأولى، أن تبقى هذه الرسائل طي الكتمان؛ لذلك خاطب العلامة المحقق حول ذلك بقوله: " لذا أرجو منكم رجاء مخلصا أن يكون ذلك بيني وبينكم " (1).
وهو وإن لم يوضح سبب هذا الطلب والرجاء، الذي التزم به العلامة المحقق، لكن عندما عمد " الكاتب " إلى إصدار كتابه، برر نشر الرسائل بأن ذلك إنما كان نزولا عند رغبة بعض الطلاب والأساتذة في حوزة قم المقدسة. متمسكا بدعوى مفادها: نشر هذا الحوار النقدي وتعميم فائدته لا سيما وأن هذه الرسائل ليست شخصية (2).
ولنا أن نتساءل: ماذا لو أقدم الطرف الآخر على نشرها تحت هذا العنوان؟! ألم يكن يتعرض لشتى أنواع التهم وأقذعها، لا سيما الخيانة وفضح الأسرار والتصرف بالأمانات وغير ذلك من تهم..
ومهما يكن من أمر، فإن " الكاتب " لن يعجز عن الإتيان بالمبررات والدوافع للنشر، فإن لكل مقام عنده مقال وحجة، ما دامت الغاية تبرر الوسيلة بل تنظفها وهو الخبير باستغلال الوسائل.
على أن أقل الضوابط الأخلاقية التي ينبغي أن يلتزم بها أي مباشر للنقد، هي أن يبلغ الطرف الآخر بنيته في ذلك، لا سيما أنه هو الذي طلب منه عدم نشر هذا " الحوار " وتلك الرسائل، وإبقاءها طي الكتمان..