الشيخ الطبرسي (قده):
يقول الشيخ الطبرسي (قده): " كيف تصبر على ما ظاهره عندك منكر وأنت لم تعرف باطنه ولم تعلم حقيقته " (1).
ولا يخرج ما قاله غير الطوسي والطبرسي (قده) من العلماء عما قالاه.
والمتأمل في كلامهم يجد أنهم إنما يتحدثون عن أن موسى (ع) لم يعلم حقيقة الأمر وباطنه، ولم يتحدث أي منهم عن أنه (ع) لم يحتمل أن يكون هناك وجه آخر.
على أن اتهام نبي الله موسى (ع) بأنه " لم يفكر بأن للأمر وجها آخر " هو اتهام له (ع) بالجهل ذهب به صاحبه إلى أبعد الحدود.
إذ لا يخفى على كل متبصر أن ثمة فارقا بين أن يكون موسى (ع) يعلم بأن وراء فعل الخضر (ع) حقيقة تصحح عمله وتبرره، وإن خالف فعله الظاهر، وبين أنه هل يعلم على وجه التفصيل حقيقته وباطنه.
إن الأمر الذي لا شك فيه، وتؤيده الآيات هو:
إن موسى (ع) كان يعلم إجمالا ولم يكن يشك أبدا أن وراء فعل الخضر (ع) حقيقة تخالف ظاهر الأمر بشهادة تعليم الله له {قد آتيناه من لدنا علما} وأن الأنبياء لا يمكن أن يطلبوا من شخص أن يتبعوه ليتعلموا منه ما لم يكن يعمل وفق الأوامر الإلهية، ولا يعارض ذلك كونه (ع) لا يعلم هذه الحقيقة على وجه التفصيل.
ولما كان تكليفه الشرعي يقتضي العمل وفق الظواهر كان لا بد له من الاعتراض.