وعجيب أمره، كيف جعل من يستعرض الآراء ثم " يعطي رأيه النهائي " كمن يحتمل ويرجح، ثم يقدم المبررات التي دفعته للإحتمال والترجيح؟!!.
والأغرب والأعجب من ذلك، هو كيف جعل من يتحدث عن آراء وأقوال كمن يتحدث عن احتمالات وترجيحات؟!!.
وكأنه لا يعرف الفرق بين أن يعبر المرء بعبارات مثل " آراء " و " أقوال " وغيرها وبين أن يتحدث عن " احتمالات " و " وترجيحات ".
ولو أضفى " الكاتب " على شاهده هذا بعض النزاهة والأمانة والأخلاقيات النقدية التي ينادي بها، لارتد بصيرا وشهد عندها شهادة حق لا تخفى حتى على من هو أضل سبيلا..
استيحاء طريف هذا وقد لفت نظري أثناء مراجعتي لتفسير الآيات مورد البحث، استيحاء طريف لصاحب " من وحي القرآن "، الذي علق بعد وصوله إلى قوله تعالى: {فإذا الذي استنصره بالأمس يستصرخه} بقوله:
" لينتصر له في معركة جديدة مع شخص آخر من الأقباط.. ولم يستجب موسى له، فقد استوعب التجربة السابقة واحتوى نتائجها في فكره وشعوره.. فقد لا يكون المستغيث دائما مظلوما، بل قد يكون صاحب مشاكل يتحرك في عملية الإثارة للنزاع والخلاف على أساس حدة طبعه أو رغبته في العدوان.. فكيف يمكن له أن يستجيب له.. وإذا كان موسى قد اندفع سابقا للانتصار له، فليس ذلك من موقع الإنتصار للقريب، بل من موقع الإعتقاد بأنه مظلوم من قبل القبطي انطلاقا من دراسة طبيعة الأشياء في موازين القوة التي توحي بأن القبطي في مركز القوة، والإسرائيلي في مركز الضعف.. ولكن المسألة الآن هي أن صاحبه يدخل في خلاف جديد.. مما يوحي بأنه رجل يتعمد المشاكسة مع الآخرين.. وقد يكون انتصار موسى له أغراه في ذلك.. " قال له موسى إنك لغوي مبين " فإنك لا تسلك طريق الرشد الذي يفرض على الإنسان أن يحل الأمور بالتي هي أحسن، بعيدا عن العنف، أو أن يبتعد عن الدخول في القضايا التي تثير الخلاف من حوله " فلما أراد أن يبطش بالذي هو عدو لهما " ليدفعه عن