اقتحام المسلمات من هنا نجد، أن هذا " البعض "، وفي أول خطوة عملية له لإظهار ولائه للحداثة، وإبراز صدقه في أنه في عداد " الحداثويين "، صرح بأنه " يسعى لاقتحام المسلمات ". حيث أن هذا الاقتحام يمثل " بطاقة " الدخول إلى عالم الحداثة والمجتمع الحداثوي المميز!!
مفارقات حداثوية ولكن ثمة مفارقة تبدو واضحة في خطاب هؤلاء وسلوكهم العلمي. فإن هؤلاء الداعين إلى " تنقية التراث " من الشوائب، وإعادة النظر في النصوص المقدسة وفق المناهج العلمية الحديثة، والآليات الإجرائية المستحدثة، مدعين أن ما قدم من نصوص ليس نهائيا ولا يصح جعله كذلك، فالمتقدمون رجال ونحن رجال على حد تعبيرهم، ففي الوقت الذي يقولون فيه ذلك، يعتبرون أن ما يحاولون إرساءه من قواعد ومبادئ عقلانية بزعمهم، هي قضايا راسخة ونهائية، لا يجوز المساس بها، ولا تصح مناقشتها أو توهينها، لأن ذلك مساس بأصحابها، ومحاولات للنيل من رموزها الذين هم بنظرهم رموز الدين والإسلام، فيصبح التراث فجأة وسيلة لإضفاء نوع من القداسة عليهم، وبطاقة حماية وحصانة لهم من أي نقد.
ذاتية بلباس الموضوعية وعلى هذا وذاك، تصبح ممارساتهم التي تهدف إلى توهين المعتقد والركائز الاعتقادية للناس تمثل أقصى حالات الانفتاح الفكري، وأرقى مراتب الحوار العلمي، أما مناقشة أفكارهم وإظهار زيفها وبطلانها فيمثل " أبشع حالات العدوان " وأكثر المناهج " تخلفا "، لأنها تريد النيل من " الرموز " بتصورهم، و " إسقاط الساحة " في ظلام " الفتن والتخلف "!!
فتتلبس الذاتية بلباس الموضوعية، وترتدي " الأنا " رداء " النحن "، ويغدو التحجر " انفتاحا "، والتخلف " حداثة "..