ولما كانت هذه الأمور التي سيراها موسى (ع) والتي أخبره عنها الخضر (ع) بأنه لا يعلم حقيقتها، وأنه سيشق عليه الصبر عليها، لا يعلم (ع) ما هي على وجه التفصيل، فقد قيد موسى (ع) الوعد بالمشيئة، حتى يخرج بذلك عن أن يكون كاذبا لو حصل ما يقتضي الاعتراض، كما في مجمع البيان، وبالتالي: حتى لا يكون ممن أخلف بوعده أو " نكث به " كما عبر صاحب " من وحي القرآن "..
إذ أن موسى (ع) كان يعلم أن الخضر (ع) إنما يسير في خط الله، وما وعده به لا بد أن يكون بالضرورة مما يدخل في هذا النطاق، أما غيره فالذهن ينصرف عنه كلية. وقد مر أن ما فيه مخالفة شرعية خارج عن نطاق الوعد تخصصا.
ج - ولأجل ما تقدم، ذكر الطوسي (قده) في معنى الآية: " كيف تصبر على ما لم تعلم من بواطن الأمور ولا تخبرها " (1).
أما قوله (قده): " لأن موسى (ع) كان يأخذ الأمور عن ظواهرها والخضر كان يحكم بما أعلمه الله من بواطن الأمور " (2) فلا شك أن الطوسي (قده) استظهر ذلك من خلال ما ظهر من رحلتهما (ع) لا من قوله: (وكيف تصبر على ما لم تحط به خبرا).
د - وكذلك قول الطبرسي (قده): " كيف تصبر على ما ظاهره عندك منكر، وأنت لم تعرف باطنه، ولم تعلم حقيقته " (3).
فإنه (قده) إنما قصد من كلمة " منكر " معناها اللغوي أي ما ينكره الناس أي يستغربونه، ويتعجبون منه لا المنكر بالمعنى الشرعي أي المخالف للشريعة، بقرينة قوله: وأنت لم تعرف باطنه.. ألخ