" قبل منه ذلك، فلما تكرر ما ظاهره المخالفة كان لا بد من تكرار الاعتراض ".
وقد ذكرنا فيما سبق أن موسى (ع) كان يعلم قطعا أن ليس في فعل الخضر مخالفة واقعية، وإن كان - ربما - لا يعلم حقيقة هذا الفعل على وجه التفصيل.
ومن هنا كان تكليفه الشرعي هو الاعتراض على ما فيه مخالفة ظاهرية، وإن كان بهذا المستوى من الاعتراض، أعني بصيغة الاستفهام.
و - ولأن " الكاتب " لم يدرك حقيقة هذا الأمر، ومعنى تقييد موسى (ع) لعهده بالمشيئة استغرب ما ذكره العلامة المحقق، بل راح يمعن في إظهار عدم إدراكه لهذه الأمور قائلا:
" فإذا كان العبد الصالح قد أخبر موسى (ع) بأن عمله ليس فيه مخالفة شرعية، وعليه أن يصبر حتى يعرف السر، وقبل موسى (ع) ذلك.. فكيف ينسجم ذلك مع " لا بدية " الاعتراض بقولكم (يعني المحقق العاملي): " فلما تكرر ما ظاهره المخالفة كان لا بد من تكرار الاعتراض، عملا بالتكليف الإلهي كيف تتفرع هذه اللابدية من تلك المقدمة " (1).
فقد اتضح مما تقدم الجواب عن هذا الاستغراب، وأن ما قبله موسى (ع) من العبد الصالح هو تبريره للإعتراض الأول، وعندما تكررت منه المخالفة تكرر الاعتراض، كما قال العلامة المحقق، عملا بالتكليف الإلهي القاضي بالاعتراض على ما فيه مخالفة ظاهرية.
ز - ومن غريب ما ذكره الكاتب في اعتراضه على العلامة المحقق هو قوله:
" فإذا كان موسى (ع) قد قبل شرط العبد الصالح بالسكوت على ما فيه مخالفة ظاهرية للحكم الشرعي، وأنه سيعرف باطن الأمر في الوقت المناسب..