هذه الجهة، إلا أن القضية كانت عندها وعندهم أهم من ذلك بكثير، وهي قضية الخلافة والتصدي لمقام الإمامة..
فهم أخذوا فدكا في محاولة منهم للظهور بمظهر أنهم يملكون كل الصلاحيات التي يملكها النبي (ص). لذلك كانوا يعتبرون أن التصرف في أمور تتعلق بأقرب الناس إلى النبي (ص) ربما يفيدهم في هذا المجال..
ونجد في المقابل أنها (عليها السلام) في حجتها عليهم قد ركزت، بعد أن أبطلت مزاعمهم بحقهم بالخلافة، على أن الخليفة، تبعا لرسول الله (ص)، ينبغي عليه أن لا يعمل عملا إلا وفق حجة ظاهرة من الكتاب والسنة.. وأن ليس له حق بمخالفة ذلك حتى وإن كان الخليفة..
كما أنها عليها السلام في استدلالها على حقها بفدك لم تكن في الأصل في مقام تعريف الناس بهذا الحكم (أعني أن الأنبياء يورثون) وإن كان ذلك من الفوائد العرضية التي تعرضت لبيانها، لأنها تعلم أن القوم لا يجهلون ذلك، وإنما ساقت أدلتها لتشير للناس بأن هؤلاء الذين تصدوا للخلافة يجهلون كتاب الله وأحكامه الشرعية وأن من كان هذا شأنه فكيف يدعي خلافة رسول الله (ص)..
من هنا نراهم، وبعد أن فشلوا في تثبيت ما حاولوا تثبيته لأنفسهم، عادوا للتمسك بالحجة الظاهرة فادعوا ما زعموا أنهم سمعوه من رسول الله (ص) بأن الأنبياء لا يورثون ما تركوه فهو صدقة..
7 - إذا اتضح كل ما تقدم، فإن ثمة سؤالا مشروعا في هذا المقام وهو: ما هي الفائدة التي خرج بها موسى (ع) من هذه القضية في حياته العملية ما دام لا يزال مأمورا بالعمل وفق الظواهر والحجج والبينات؟!.
ولا ينبغي أن يفهم من كلامنا أنه (ع) لم يتعلم شيئا من الخضر (ع) طوال رحلته معه، إذ لا أحد يستطيع أن يدعي مثل هذا الادعاء، لأن القرآن لم يقصص لنا كل ما جرى بينهما في رحلتهما ولا شك أنه (ع) قد تعلم منه أمورا لم يقصصها لنا القرآن.