فكيف بنبي الله موسى (ع)؟! الذي لا يعقل أنه لم يفكر بأن من الممكن أن يكون للأمر وجه آخر؟! على حد تعبير صاحب " من وحي القرآن ". خصوصا أنه يطلب العلم من العبد الصالح الذي صدرت منه هذه الأفعال.
إن هذا النوع من المعرفة، أي أن يكون هناك وجه آخر للفعل يبرره ويصححه، أمر مركوز في وجدان الإنسان، فكيف إذا ما كانت الآيات ظاهرة، بذلك..
وقد مر أن التحذيرات المتكررة من العبد الصالح لموسى (ع) بأنه لن يصبر فيها دلالة واضحة لأدنى إنسان، - فكيف بنبي الله موسى (ع) -، أنه سيشاهد في رحلته أشياء غريبة يشق عليه السكوت عنها وعدم الاعتراض عليها.
هذا فضلا عن أن موسى (ع) إنما استأذن العبد الصالح باتباعه على أن يعلمه مما علمه الله رشدا، لعلم موسى (ع) بأن هذا العبد الصالح قد آتاه الله رحمة منه وعلمه من لدنه علما، فهل من كان هذا حاله ويشهد عليه مقاله يمكن أن يتهمه موسى (ع) بالقتل، ولا يحتمل أن يكون لفعله تأويل؟!.
من هنا لا محيص عن القول بأن موسى (ع) كان يعلم بأن لفعل الخضر (ع) تأويلا، وإن لم يكن يعلمه على وجه التفصيل لأسباب سنتعرض لها لاحقا، لهذا كان اعتراضه (ع) بصيغة الاستفهام لا الاتهام.
فيتضح مما تقدم أن هذه الإجابة تتضمن اتهاما لموسى (ع) بالجهل ذهب بها صاحبها إلى أبعد مدى وأقصى حد..
ولا يخرج عن هذا الإطار ما نقله " الكاتب " عن بعض المفسرين وهو قولهم: " من فوائد هذه القصة أن لا يعجب المرء بعلمه، ولا يبادر إلى إنكار ما لا يستحسنه فلعل فيه سرا لا يعرفه " (1).