طبعا، لا يمكن القول بأن ما خرج به هو أن عليه أن لا يحكم بحسب ظواهر الأمور، لأن ذلك مخالف لثوابت الشرع، فإنه (ع) بقي مأمورا بالعمل بحسب الظواهر. وهذا التكليف لم يستمر معه وحسب، بل شمل كل من أتى قبله من الأنبياء، باستثناء داود (ع)، ومن أتى بعده، بما فيهم رسول الله (ص) الذي كان يتعامل مع الناس على هذا الأساس. وقد روي عنه (ص) أيضا أنه قال: " إنما أقضى بينكم بالبينات والإيمان، وبعضكم ألحن بحجته من بعض، فأيما رجل قطعت له من مال أخيه شيئا، فإنما قطعت له قطعة من النار " (1).
3 - إن العمل وفق هذا النوع من الإجابة، أعني عدم الاعتراض على المخالفة الظاهرية، يسقط التكليف، في أكثر موارد الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، من رأس، إذ لا يحق لأي إنسان أن يعترض على أحد، لاحتمال أن يكون له مبرر واقعي. كما أنه يصير من السهل على كل إنسان أن يدعي أن ما فعله من منكر، من قتل أو غيره، إنما فعله لمصلحة واقعية..
إلا أن يقال: بأن ذلك إنما يقبل ممن علمه الله من لدنه علما! لكن ذلك لا شاهد عليه، فقد تقدم استمرار موسى (ع) بالعمل وفق الظواهر، وهو ما عمل به رسول الله (ص)، والأئمة من بعده..
ومما لا يخفى أن من فوائد عمل الأنبياء بالتكليف الظاهري هو قطع الحجة على الحكام الذين قد يحكمون العالم الإسلامي باسم الإسلام، ويدعون لأنفسهم أن لهم ما للنبي (ص) من صلاحيات..
وهذا ما أشار إليه العلامة المحقق أيده الله عندما قال: " إن العمل لا بد أن يكون على حجة ظاهرة حتى لا يصبح ذريعة للجبارين والظالمين " (2) 4 - وما أشرنا إليه هو فحوى كلام أمير المؤمنين (ع) الذي جاء في حديث عبد الله بن أبي رافع وهو يروي قصة التحكيم في صفين حيث قال: