شرح إحقاق الحق - السيد المرعشي - ج ٣ - الصفحة ٢٣٤
ولا تطع الكافرين (1) ولم يدل ذلك على أنه (ع) أطاعهم الخ مدخول بأن مجرد النهي وإن لم يدل على ذلك، لكن ما رواه هذا المجيب من شأن النزول سابقا، صريح في الوقوع حيث قال: لما نزلت آية الإفك، قال أبو بكر لمسطح وقرابته: قوموا فلستم مني ولست منكم ولا يدخلن علي أحد منكم، فقال مسطح: أنشدكم الله والاسلام وأنشدكم القرابة والرحم أن لا تخرجنا إلى أحد، فما كان لنا في أول الأمر من ذنب فلم يقبل عذره، وقال: انطلقوا أيها القوم، فخرجوا لا يدرون أين يذهبون؟
وأين يتوجهون من الأرض الخ فإنه صريح في ترك النفقة عنهم ولو في يوم والانكار مكابرة، على أن المنع عن الحلف الواقع قطعا كان في ثبوت المعصية كما لا يخفى، وحمل النهي على التنزيه من ترك الأولى كما ارتكبه من ضيق الخناق (2)، مردود بأن الأصل في النهي التحريم، وحمله على التنزيه من باب ترك الأولى، وفي شأن الأنبياء سلام الله عليهم أجمعين إنما ارتكبه العلماء بمعونة قيام دليل عصمتهم، وإذ لا عصمة لأبي بكر يكون الحمل فيه محالا.
وثالثا أن ما توهمه من لزوم التكرار إنما يلزم لو كان الفضل بمعنى الزيادة على الحاجة في الدنيا متحدا في المعنى مع السعة وليس كذلك، لأن معنى السعة أوسع مما يملكه الشخص زيادة على حاجته، فلا يلزم التكرار.
ورابعا أن ما ذكره من أنه لو كان غير مساو له في الدرجات لم يكن هو صاحب الفضل الخ فيه من الخبط ما لا يخفى، لظهور أن مساواة فاضل لآخر في الدرجة، إنما ينافي أفضليته عن ذلك، لا أنه ينافي صدق كونه فاضلا، أو صاحب فضل كما توهمه، وقوله: فلما أثبت تعالى الفضل مطلقا الخ بناء على مهدوم، لما عرفت من انتفاء الاطلاق مطلقا فافهم.
____________________
(1) الأحزاب. الآية 1.
(2) لكونه خلاف الأصل العقلائي بلا قرينة.
(٢٣٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 229 230 231 232 233 234 235 236 237 238 239 ... » »»
الفهرست