إن القوم الفلاني مع كونهم من أولوا الفضل والسعة يبخلون بما آتيهم الله تعالى، ويقال: إن أبا بكر وأضرابه من الأصحاب مع ما نسب إليهم من المال والانفاق قد بخلوا عند نزول آية النجوى عن تقديم صدقة، بين يدي نجوى النبي (ص) حتى نسخت الآية فافهم، وذق إنك أنت العزيز الكريم (1)، ومن العجب إنه ذكر قبيل هذا الكلام أن المراد من قوله: ولا يأتل أولي الفضل، لا تقصروا في أن تحسنوا، فحمل الفضل على الاحسان والاعطاء ثم نسي ذلك بعد سطور وأصر في أن المراد الفضل بمعنى زيادة الثواب أو العلم، مع أن الفضل بهذين المعنين لا يظهر لهما وجه هيهنا إذ كثير من أهل الفضل بمعنى زيادة الثواب أو العلم لا يقدرون على إنفاق صلة الرحم وأقل من ذلك، وكذا نمنع أن المدح من الله تعالى بالدنيا غير جايز، كيف؟ وقد وقع التمدح بها في القرآن بقوله: وكذلك مكنا ليوسف في الأرض يتبوء منها حيث يشاء (2) الآية إلى غير ذلك، فإن التبوء في الأرض الذي هو من نعم الدنيا لو لم يكن ممدوحا، لما مكن الله تعالى يوسف منه على نبينا وآله وعليه السلام منه بل نقول: الآية قادحة في فضيلة أبي بكر، لاشتمالها على نهيه تعالى عما أتى به أبو بكر من الحلف على أن لا ينفق مسطحا ومن معه، كما روي (3) في شأن النزول، فدلت الآية على صدور المعصية من أبي بكر، وما أجاب به هذا المتسمى بالإمام في أواخر هذا المقام: من أن النهي لا يدل على وقوعه قال الله تعالى لمحمد (ص)
____________________
(1) الدخان. الآية 49.
(2) يوسف. الآية 56.
(3) وقد مر في صدر الكلام بيان شأن نزول الآية وما رواه القوم هذا المضمار.
(2) يوسف. الآية 56.
(3) وقد مر في صدر الكلام بيان شأن نزول الآية وما رواه القوم هذا المضمار.