يضرب به المثل، وإنما قالت ذلك لأنه كان عارما، كثير الإساءة إلى الناس مع ضعف بدنه ودقة عظمه فواثب يوما فتى، فقطع الفتى أنفه، فأخذت أمه ديته أي: دية أنفه فحسنت حالها بعد فقر مدقع، ثم واثب آخر فقطع أذنه، ثم واثب آخر فقطع شفته، فأخذت ديتهما، فلما رأت حسن حالها وما صار عندها من إبل وغنم ومتاع، حسن رأيها فيه، ومدحته وذكرته في أرجوزتها، فقالت:
* أحلف بالمروة حقا والصفا * * إنك خير من تفاريق العصا * وقيل لأعرابي: ما تفاريق العصا؟، قال: العصا تقطع ساجورا والسواجير تكون للكلاب والأسرى من الناس، ثم تقطع عصا الساجور فتصير أوتادا، ويفرق الوتد، ثم تصير كل قطعة شظاظا: فإذا جعل لرأس الشظاظ، كالفلكة، صار عرانا للبخاتي ومهارا، وهو العود الذي يدخل في أنف البختي، ثم إذا فرق المهار يؤخذ منها توادي وهي الخشبة التي تصر بها الأخلاف، هذا إذا كانت عصا. فإذا كانت العصا قنى فكل شق منها قوس بندق، فإن فرقت الشقة صارت سهاما، ثم إذا فرقت السهام صارت حظاء، ثم صارت مغازل، ثم يشعب بها الشعاب أقداحه المصدوعة، وقصاعه المشقوقة، على أنه لا يجد لها أصلح منها وأليق به، يضرب فيمن نفعه أعم من نفع غيره.
والتفريق: التخويف. ومنه قول أبي بكر رضي الله عنه: " أبالله تفرقني؟ "، أي: تخوفني. ومفرق النعم هو الظربان؛ لأنه إذا فسا بينها وهي مجتمعة تفرقت المال.
ويقال: هو مفرق الجسم، كمحسن. وسياق الصاغاني يقتضي أنه كمعظم (1)، أي: قليل اللحم، أو سمين، وهو ضد.
وتفرق القوم تفرقا، وتفراقا بكسرتين. ونص اللحياني في النوادر تفريقا: ضد تجمع، كافترق، وانفرق، وكل من الثلاثة مطاوع فرقته تفريقا.
ومنهم من يجعل التفرق للأبدان، والافتراق في الكلام. يقال: فرقت بين الكلامين، فافترقا. وفرقت بين الرجلين فتفرقا. وفي حديث الزكاة: لا يفرق بين مجتمع، ولا يجمع بين متفرق (2) وفي حديث آخر: البيعان بالخيار ما لم يتفرقا (3)، واختلف فيه فقيل: بالأبدان، وبه قال الشافعي وأحمد. وقال أبو حنيفة ومالك وغيرهما: إذا تعاقدا صح البيع وإن لم يفترقا. وظاهر الحديث يشهد للقول الأول.
ويقال: تفرقت بهم الطرق، أي: ذهب كل منهم إلى مذهب. وقال متمم بن نويرة رضي الله عنه يرثي أخاه مالكا:
فلما تفرقنا كأني ومالكا * لطول اجتماع لم نبت ليلة معا وانفرق: انفصل، ومنه قوله تعالى: (فانفلق فكان كل فرق كالطود العظيم) (4).
والمنفرق يكون موضعا، ويكون مصدرا. قال رؤبة يصف الحمر:
* ترمي بأيديها ثنايا المنفرق * أي: حيث ينفرق الطريق، ويروى: " المنفهق ".
والتركيب يدل على تميز وتزيل بين شيئين، وقد شذ عن هذا التركيب الفرق للمكيال، والفريقة للنفساء، والفروقة للشحم، والفروق: موضع.
* ومما يستدرك عليه:
الفرقة بالضم: مصدر الافتراق. وهو اسم يوضع موضع المصدر الحقيقي من الافتراق.
وفارق الشيء مفارقة: باينه، والاسم: الفرقة.
وتفارق القوم: فارق بعضهم بعضا.
وفارق فلان امرأته، مفارقة، وفراقا: باينها.
وهو أسرع من فريق الخيل لسابقها، فعيل بمعنى مفاعل؛ لأنه إذا سبقها فارقها.
ونية فريق: مفرقة، قال: