وقال: يا عبدة الطاغوت، يا وجوده القردة والخنازير، فعل الله بكم وفعل.
فقالوا: يا أبا القاسم، ما كنت فاحشا.
فاستحيا، فرجع القهقري (1).
وفي نص آخر أنهم: لما ترسوا عن رسول الله (ص) وخاطبهم بيا إخوة القردة والخنازير وعبدة الطواغيت أتشتموني، فجعلوا يحلفون بالتوراة التي أنزلت على موسى ما فعلنا، ويقولون: يا أبا القاسم، ما كنت جهولا (2).
ونقول: إننا نرتاب كثيرا في دعوى أن يكون رسول الله (ص) قد كلمهم بكلام فاحش، برر اعتراضهم عليه لأجله حتى استحيا مما صدر منه حتى سقطت العنزة من يده، والرداء عن ظهره، ورجع القهقرى استحياء.
وذلك لأنه (ص) إنما يشير بقوله لهم: يا إخوان القردة والخنازير إلى المسخ على صورة القردة والخنازير، الذي وقع في إخوانهم وقومهم من بني إسرائيل، بسبب ما ارتكبوه في حق الدين وأهله.
فهو (ص) لم يكن بذلك فحاشا، ولا قال لهم ذلك عن جهالة، بل أراد أن يذكرهم بعواقب التمرد على الله الذي لمسوه بأنفسهم، وعرفوا عواقبه السيئة ورأوها بأم أعينهم. فلم يكن تصرف الرسول تجاههم وموقفه منهم عن جهالة أيضا بل هو في غاية الحكمة والدقة،