فإن ظروفا طارئة خارجة عن حدود اختيارهم أوجبت فشلهم في تنفيذ خطتهم الجريئة، وذلك بسبب الخندق، ثم ضربة علي عليه السلام القاصمة لقيادة جيش الشرك، ثم التدخل الإلهي، بإرسال الريح والجنود. بالإضافة إلى الخلافات التي نشأت بينهم وبين الأحزاب، ثم ارتحال الأحزاب وغير ذلك من أمور تقدمت.
ولولا ذلك لتحققت أهدافهم الشريرة، وكان الإسلام والمسلمون في خبر كان.
ولو كان (ص) تركهم، ثم عادوا إلى الخيانة، فإن استئصالهم والحالة هذه قد يكون أصعب، بل قد يصبح متعذرا، بعد أن تلقى الناس صفحه عنهم في المرة الأولى بالقبول. وقد يفهم الكثيرون: أنه قد جاء عن استحقاق منهم للعفو، وأنه لا يحق له أن يتخذ في حقهم أي إجراء آخر.
والذي لا بد من الوقوف عنده هنا، هو حكم سعد بن معاذ فيهم، الذي جاء مواقفا للحكم الشرعي الإلهي، ومنسجما معه، وذلك هو حكم العقل والفطرة، والضمير الحي، والوجدان الرضي. وقد ارتضوا هم أنفسهم بحكم سعد مسبقا، بل هم الذين اختاروه للحكم وسادسا: قال الدكتور إسرائيل ولفنسون.
" وأما المنافقون فقد خفت صوتهم بعد يوم قريظة، ولم نعد نسمع لهم أعمالا وأقوالا تناقض إرادة النبي وأصحابه، كما يفهم ذلك من قبل " (1).
وبعد، فهذه هي جريمة القيادات المنحرفة التي تدمر كل شئ، ولا تشكر النعمة الإلهية على حد قوله تعالى: " ألم تر إلى الذين بدلوا