وثانيا: إن جريمة بني قريظة تختلف في حجمها وفي خطورتها على الإسلام والمسلمين ولا تقاس بجريمة بني النضير وقينقاع.
فقد تحرك بنو قريظة في خط الخيانة، وتوغلوا فيها إلى درجة أصبح معها أساس الإسلام في خطر أكيد، وشديد، لا سيما وأن ما بنوا عليه كل مواقفهم هو استئصال شأفة الإسلام وإبادة الوجود الإسلامي بصورة تامة وحاسمة. ولم يكن بنو النضير ولا بنو قينقاع قد توغلوا في أمر الخيانة إلى هذه الحد.
مع الإشارة إلى أن هدف بني قريظة كان في مستوى الحسابات العملية التي اعتمدوا عليها قريب المنال، وقد خطوا خطوات عملية لإنجاز هذا المهم، وللوصول إلى ذلك الهدف، حتى على مستوى التحرك العسكري، الذي يستهدف تمكين الأحزاب وهم معهم من اجتياح الوجود الإسلامي، وسحقه، وإبادة المسلمين. خصوصا النبي وبني هاشم.
أما نقض بني النضير للعهد، فقد بقي في حدود الإصرار على إظهار التمرد، والغطرسة، والطغيان. فلا يمكن أن تتساوى عقوبة بني قريظة مع عقوبة بني النضير، وقد طلب القريظيون أن يعاملهم كبني النضير، فرفض إلا أن ينزلوا على حكمه.
وثالثا: لا ريب في أن سكوت النبي على الغطرسة اليهودية، ثم القبول بترميم العلاقات مع اليهود ولو جزئيا. لا يبقى مصداقية للعهود والمواثيق، لما يتركه نقضها من سلبيات خطيرة في هذا المجال، حيث يضعف تأثيرها في ضبط الأمور، وحفظ الكيان العام، وسيزيد من الاعتماد على القوة المسلحة في حسم الأمور على مستوى العلاقات فيما بين القوى المتجاورة، وتقل فرص التعايش السلمي بين الفئات المختلفة في داخل الدولة الواحدة، وحتى على مستوى العلاقات بين