وأيقنوا بالهلاك فتبرموا مما ارتكبوه من الغدر، وسألوا الرسول العفو، فأبي ذلك عليهم، وشدد الحصار عليهم خمسة وعشرين يوما حتى نزلوا على حكمه، وسألوا حلفاءهم الأوس أن يتوسطوا في إطلاقهم إلخ... " (1).
ونقول:
قوله: إنهم سألوا الرسول العفو، غير دقيق، إذ أنهم قد أبوا في البداية أن ينزلوا على حكم رسول الله (ص)، الأمر الذي يشير إلى تشكيكهم في عدالة حكمه ونزاهته. ثم إنه ليس للغادر المحارب أن يشترط لاستسلامه أي شرط كان. إلا أن باستطاعته أن يلتمس العفو وتخفيف العقوبة. أو يقدم المبررات لخيانته، ولحربه، إن كان يرى أنها تكفي للإقناع.
إذن، فلم يسألوا الرسول (ص) العفو، فأبي ذلك عليهم. كما يدعي هذا الكتاب.
ومن جهة ثانية: فإن قوله أخيرا: إنهم نزلوا على حكمه (ص) ليس دقيقا، بل نزلوا على حكم سعد بن معاذ، ورفضوا النزول على حكم رسول الله (ص)، الأمر الذي يستبطن إعلانا بعدم الثقة بحكمه بالعدل والحق.
فلو أن هذا الكاتب كان أكثر دقة لسلم كلامه من مغبة الايحاء بأن الرسول إنسان قاس، لا يعفو عن طالب العفو منه، بل يصر على أن يقتله، ويسبي النساء والأطفال ويصادر الأموال.