وإذا كان يمكن اعتبار حرق الأشجار وقطعها تهديدا، وممارسة لمستوى من الضغط، قد يتم التراجع عنه، حين يؤول الأمر إلى سفك الدماء، وإزهاق الأرواح، فإن هذا التراجع قد أصبح غير محتمل على الإطلاق، بعد أن باشر المسلمون عملا عسكريا بهذا المستوى، وبهذه الشدة والصلابة والتصميم..
ولقد باشر هذا الأمر رجل هو أقرب الناس إلى رسول الله، وأعرفهم بنواياه وآرائه، وأشدهم اتباعا له، رجل عرفوا بعض مواقفه المرعبة في بدر وربما في أحد.. وهو علي بن أبي طالب " عليه الصلاة والسلام "..
إذن.. وبعد أن تخلى عنهم حلفاؤهم، ولم يف لهم المنافقون بما وعدوهم به، فإنهم لم يبق لهم إلا هذه الأحجار التي يختبأون خلفها - كالفئران - ولكن إلى أي حد يمكن لهذه الحجارة أن تدفع عنهم، وكيف وأنى لهم برد هجوم الجيض الإسلامي عنها حين يصمم على تدميرها؟!!
فقد جاءهم ما لم لم يكن بالحسبان، ﴿فأتاهم الله من حيث لم يحتسبوا وقذف في قلوبهم الرعب﴾ (1) و " كان ذلك سبب فتح حصون بني النضير " كما تقدم في النص السابق..
ومن جهة أخرى، فان الضربة الموفقة لابد وأن تقوي من معنويات الجيش الإسلامي.
وقد حصنته من أن يصاب بالضعف والوهن لدى المواجهة الأولى مع عدو لا يرى سبيلا إليه، ما دام بالحصون المنيعة، بالإضافة إلى قدرات قتالية عالية لديه بنظر الكثيرين.
ومما ذكرناه يتضح معنى العبارة المنقولة عن النبي " صلى الله عليه وآله " هنا، حينما سئل عن علي " عليه السلام " حيث يقول: " أراه في بعض ما يصلح شأنكم ".