أبا سفيان قد سأل كعب بن الأشرف عن: أن أي الدينين أرضى لله تعالى، دينه أم دين محمد.
وقالت قريش لبعض يهود بني النضير، وهم: سلام بن أبي الحقيق وحيي يبن أخطب وكنانة بن الربيع، حين ذهبوا إلى مكة ليحرضوا الأحزاب على حرب المسلمين، قالت لهم قريش: (يا معشر يهود، إنكم أهل الكتاب الأول، والعلم بما أصبحنا نختلف فيه نحن ومحمد، أفديننا خير أم دينه قالوا: بل دينكم خير من دينه، وأنتم أولى بالحق منه، فلما قالوا ذلك لقريش سرهم، ونشطوا لما دعوهم إليه الخ) (1) ونحن وإن كنا نعلم أن زعماء قريش كانوا يعلمون الحق، ولكنهم كانوا يكتمونه عنادا واستكبارا لقوله تعالى: وجحدوا بها واستيقنتها أنفسهم. ولكن الذي يلفت نظرنا هو هذا الاستغلال لنفوذ اليهود، وهيمنتهم العلمية، واعتبارهم مصدرا للمعارف الدينية.
وبالمناسبة فان التاريخ يعيد نفسه، قان نظرة المسلمين إلى الأوربين الان تشبه تماما، ما كانت عليه في الجاهلية.
وأخيرا، فقد قال الحلبي وابن هشام: (لا يخفى: أن كفار قريش بعثوا النضر بن الحرث، وعقبة بن أبي معيط، إلى أحبار يهود بالمدينة.
وقالوا لهما: اسألاهم عن محمد، وصفا لهم صفته، وأخبراهم بقوله، فإنهم أهل الكتاب الأول) (2) ثم ذكر ما جرى بينهم وبين اليهود، ثم ما جرى لهم مع النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) في مكة.
والخلاصة: أن اخبارات أهل الكتاب تلك قد غرست في ذهن