في تربية المجتمع، وفي تزكيته.
قال المعتزلي: (والغالب على أهل الحجاز الجفاء والعجرفية، وخشونة الطبع. ومن سكن المدن منهم، كأهل مكة، والمدينة، والطائف، فطباعهم قريبة من طباع أهل البادية بالمجاورة.
ولم يكن فيهم من قبل حكيم ولا فيلسوف، ولا صاحب نظر وجدل، ولا موقع شبهة، ولا مبتدع نحلة الخ) (1).
وخلاصة الامر: إن صفاء نفوس عرب الحجاز وعدم تلوثها بالأفكار، والانحرافات والشبهات الغريبة عن الفطرة، بالإضافة إلى الفراغ العقائدي، وعدم معقولية شركهم، وعبادتهم للأوثان، ثم الحالة الاجتماعية السيئة التي كانوا يعانون منها - كل ذلك قد أسهم اسهاما كبيرا في نشر الدعوة الاسلامية، وقبولها.
ولذلك ترى أن كثيرا منهم كانوا يسلمون بمجرد سماعهم كلامه (صلى الله عليه وآله وسلم)، واطلاعهم على أصول دعوته وأهدافها، أو بمجرد ان يتلو عليهم القرآن.
وإذا ما رأينا ساداتهم وكبراءهم - عموما - كانوا يجحدون بهذه الدعوة الحقة، فليس ذلك لانهم لم يجدوا فيها ما يقنعهم، بل لانهم وجدوها تضر بمصالحهم الدنيوية، وتصدهم عن مطامعهم اللا إنسانية، فهم مصداق لقوله تعالى: (وجحدوا بها واستيقنتها أنفسهم (2)).
ولذلك نلاحظ: أن الناس ما كانوا يتطلبون الاستدلال على التعاليم والأفكار الدينية كثيرا، في أول الأمر: لان صفاء نفوسهم، وسلامة فطرتهم، وعدم ارباكها وارهاقها بالأفكار، والفلسفات، والشبهات كان