دخل على أبى جعفر فكلمه في حاجة فقال له أبو جعفر دعني من حاجتك هذه أخبرني لم سميت قثما قال لا والله يا أمير المؤمنين ما أدرى قال القثم الذي يأكل ويزل أما سمعت قول الشاعر:
وللكبراء أكل كيف شاؤوا * وللصغراء أكل واقتثام * وذكر عن إبراهيم بن عيسى أن المنصور وهب لمحمد بن سليمان عشرين ألف درهم ولجعفر أخيه عشرة آلاف درهم فقال جعفر يا أمير المؤمنين تفضله على وأنا أسن منه قال وأنت مثله! إنا لا نلتفت إلى ناحية إلا وجدنا من أثر محمد فيها شيئا وفى منزلنا من هداياه بقية وأنت لم تفعل من هذا شيئا * وذكر عن سوادة بن عمر والسلمي عن عبد الملك بن عطاء وكان في صحابة المنصور قال سمعت بن هبيرة وهو يقول في مجلسه ما رأيت رجلا قط في حرب ولا سمعت به في سلم أمكر ولا أبدع ولا أشد تيقظا من المنصور لقد حصرني في مدينتي تسعة أشهر ومعي فرسان العرب فجهدنا كل الجهد أن ننال من عسكره شيئا نكسره به فما تهيأ ولقد حصرني وما في رأسي بيضاء فخرجت إليه وما في رأسي سوداء وإنه لكما قال الأعشى:
يقوم على الرغم من قومه * فيعفو إذا شاء أو ينتقم أخو الحرب لا ضرع واهن * ولم ينتعل بنعال خذم * وذكر إبراهيم بن عبد الرحمن أن أبا جعفر كان نازلا على رجل يقال له أزهر السمان وليس بالمحدث وذلك قبل خلافته فلما ولى الخلافة صار إليه إلى مدينة السلام فأدخل عليه فقال حاجتك قال يا أمير المؤمنين على دين أربعة آلاف درهم وداري مستهدمة وابنى محمد يريد البناء بأهله فأمر له باثني عشر ألف درهم ثم قال يا أزهر لا تأتنا طالب حاجة قال أفعل فلما كان بعد قليل عاد فقال يا أزهر ما جاء بك قال جئت مسلما يا أمير المؤمنين قال إنه ليقع في نفسي أشياء إنك أتينا لما أتيتنا له في المرة الأولى فأمر له باثني عشر ألف درهم أخرى ثم قال يا أزهر لا تأتنا طالب حاجة ولا مسلما قال نعم يا أمير المؤمنين ثم لم يلبث أن عاد فقال يا أزهر ما جاء بك قال دعاء سمعته منك أحببت أن آخذه عنك قال لا ترده فإنه غير مستجاب