عندنا فصلت فردوا الامر إلى أهله توردوه موارده وتصدروه مصادره ثم عاد في خطبته فكأنه يقرؤها من كفه فقال وأشهد أن محمدا عبده ورسوله وذكر عن أبي توبة الربيع بن نافع عن ابن أبي الجوزاء أنه قال قمت إلى أبى جعفر وهو يخطب ببغداد في مسجد المدينة على المنبر فقرأت " يا أيها الذين آمنوا لم تقولون مالا تفعلون " فأخذت فأدخلت عليه فقال من أنت ويلك إنما أردت أن أقتلك فاخرج عنى فلا أراك قال فخرجت من عنده سليما وقال عيسى بن عبد الله بن حميد حدثني إبراهيم بن عيسى قال خطب أبو جعفر المنصور في هذا المسجد يعنى به مسجد المدينة ببغداد فلما بلغ اتقوا الله حق تقاته قام إليه رجل فقال وأنت يا عبد الله فاتق الله حق تقاته فقطع أبو جعفر الخطبة وقال سمعا سمعا لمن ذكر بالله هات يا عبد الله فما تقى الله فانقطع الرجل فلم يقل شيئا فقال أبو جعفر الله الله أيها الناس في أنفسكم لا تحملونا من أموركم مالا طاقة لكم به لا يقوم رجل هذا المقام إلا أوجعت ظهره وأطلت حبسه ثم قال خذه إليك يا ربيع قال فوثقنا له بالنجاة وكانت العلامة فيه إذا أراد بالرجل مكروها قال خذه إليك يا مسيب قال ثم رجع في خطبته من الموضع الذي كان قطعه فاستحسن الناس ذلك منه فلما فرغ من الصلاة دخل القصر وجعل عيسى بن موسى يمشى على هيئته خلفه فأحس به أبو جعفر فقال أبو موسى فقال نعم يا أمير المؤمنين قال كأنك خفتني على هذا الرجل قال والله لقد سبق إلى قلبي بعض ذلك إلا أن أمير المؤمنين أكثر علما وأعلى نظرا من أن يأتي في أمره إلا الحق فقال لا تخفني عليه فلما جلس قال على بالرجل فأتى به فقال يا هذا إنك لما رأيتني على المنبر قلت هذا الطاغية لا يسعني إلا أن أكلمه ولو شغلت نفسك بغير هذا لكان أمثل لك فاشغلها بظماء الهواجر وقيام الليل وتغبير قدميك في سبيل الله أعطه يا ربيع أربعمائة درهم واذهب فلا تعد وذكر عن عبد الله بن صاعد مولى أمير المؤمنين أنه قال حج المنصور بعد بناء بغداد فقام خطيبا بمكة فكان مما حفظ من كلامه " ولقد كتبنا في الزبور من بعد الذكر أن الأرض يرثها عبادي الصالحون " أمر مبرم وقول عدل وقضاء فصل
(٣٣٢)