وإن بلغت قيمة الشاة، بل عن المهذب البارع أن فيه أقوالا ثلاثة، الأول رده، والثاني رده ورد صاع معه من حنطة أو تمر، ونسبه إلى أبي علي، الثالث أنه يرد صاعا من بر ونسبه إلى القاضي في المهذب وإن كان فيه أن المحكي عن أبي علي في المختلف (1) أنه قال:
حكم النبي صلى الله عليه وآله في المصراة إذا أكرهها المشتري فردها بأن يرد معها عوضا عما حلب منها صاعا من حنطة أو تمر، وقد سمعت ما حكاه فيه عن ابن البراج، وتنزيل هذه على صورة التعذر لا يخلو من بعد، ولعل مستندها إطلاق النصوص العامية، وفيه - مع أنه لا تعرض فيها لللبن الموجود حال العقد، بل يمكن بناء إطلاقها على الغالب من تلفه. وأن الصاع عوضا كما سمعته من مرسل أبي علي (2) - لا جابر لها بالنسبة إلى ذلك فالقول حينئذ برد الصاع عوضا عنه وإن كان موجودا أو رده معه، كما ترى، بل المتجه رد اللبن نفسه من دون شئ لأصالة البراءة، وليس للبايع حينئذ عدم قبوله (و) المطالبة بالصاع كما هو واضح.
أما لو تلف فقد قال المصنف: إنه (يرد معها مثل لبنها، أو قيمته مع التعذر) وهو المشهور بين المتأخرين، بل عن ظاهر مجمع البرهان الاجماع عليه، لأن اللبن من المثلي فمع تلفه ووجوب رده يضمن بمثله، كما في غيره، ومع تعذر المثل ينتقل إلى القيمة، لأنها أقرب حينئذ إلى العين، وبالجملة فحكمه حكم المثليات، فلا ينبغي إطالة الكلام في ذكر أحكامها هنا، خلافا للإسكافي والشيخ والقاضي وأبي المكارم وابن سعيد على ما حكي عن بعضهم، فيرد صاعا من تمر أو بر، بل عن الخلاف أن عليه إجماع الفرقة وأخبارهم، كما في الغنية الاجماع عليه أيضا.
(وقيل) كما عن الشيخ بل في التحرير أنه نسبه إلى جماعة ولم نجد واحدا منهم، ولعله من العامة (يرد ثلاثة أمداد من طعام) إلا أنه لم نجد له شاهدا سوى حسن الحلبي المتقدم الذي قد عرفت عدم الدلالة فيه على التصرية، مع أنه معارض بأدلة