يستحق به الأجرة لا يمكن وقوعه إلا على أحد الصفتين، فتعين الأجرة المسماة عوضا له، فلا يقتضي التنازع بخلاف البيع. إلا أن الجميع كما ترى.
نعم قد يقال إنه وإن كان لا جهالة في صفة الثمن، ولكنها متحققة في أصل الثمنية، بمعنى أنه لم يعلم بعد قبول المشتري ذلك ما صار ثمنا للجميع، وهو مناف لسببية العقد أيضا، لا أقل من الشك في تأثيره على هذا الحال، ودعوى تعيينه حينئذ باختيار المشتري ينافي انشائية العقد، وسببيته المقتضية ترتب الأثر عليه بالفراغ منه، ودعوى الكشف حينئذ - مع أنه لا شاهد عليها - لا تجدي في رفع الجهالة حين العقد، ولا فرق في ذلك بين البيع والإجارة وغيرهما من عقود المعاوضة، ومن ذلك يظهر أن محل النزاع فيما لو قبله المشتري على تخيير البايع آت كما هو ظاهر الايجاب، وظاهر قوله خذه بأيهما شئت في صحيح محمد بن قيس (1) فحينئذ على القول بالصحة، إن اختار ألزم باختياره، ولو قبله على الترديد ولم يعين كان عليه أقل الثمنين في أبعد الأجلين للخبرين، واحتمال أن ذلك عليه - وإن اختار عملا باطلاقهما - ممكن لأنه بتمام العقد صار حكمه شرعا ذلك، فلا أثر لاختياره حينئذ، بل ولا للبايع مطالبته بالاختيار، ومنه يعلم شدة مخالفة الخبرين، على هذا التقدير.
أما لو قال: قبلته نقدا أو نسيئة فخارج عن محل النزاع، ويحتمل فيه الصحة، لوجود المقتضي من الاطلاقات وغيرها، وارتفاع المانع، ويحتمل البطلان، للشك في تأثير نحو هذا الايجاب الذي لم يجزم موجبه بأحدهما بالخصوص، والأول لا يخلو من قوة، بناء على عدم منع مثل هذه الجهالة، وإلا فالثاني أقوى، وكذا يخرج عن محل النزاع، لو قبله على جهة التخيير للبايع، وإن كان هو واضح البطلان أيضا، والغرض من ذلك كله، أن المتجه - بناء على العمل بالخبرين المزبورين - الجمود لعدم المنقح من إجماع وغيره (و) لذا قال المصنف: (لو باع كذلك إلى وقتين متأخرين كان باطلا) جازما به