وربما ظهر من الدروس التردد في الجواز، بل صريح التحرير الحرمة، وهو ضعيف لما عرفت، بل يمكن القول به في البيع ونحوه، بناء على منع اعتبار سبق الملك فيه ونحوه لعدم الدليل، بل مقتضى اطلاق الأدلة خلافه، وقوله عليه السلام " لا بيع إلا في ملك " (1) لا يقتضي أزيد من اعتبار أصل الملك في البيع، على وجه يشمل المقارن في مثل الفرض لا أقل من الشك، وقد عرفت أن مقتضى الاطلاق الصحة في مثل الفرض الذي هو من باب ترتب المعلولات الغير المتنافية بعللها، وإن كانت العلة في وجود الجميع واحدة، فيترتب حينئذ على التصرف الفسخ، المقتضي لعود الملك للفاسخ، المقتضي لانتقاله عنه إلى المشتري، المقتضي للانعتاق لو فرض كونه أبا له.
وربما يؤيده ما ذكروه في الوكالة، من حصول عقدها بالقبول فعلا من الوكيل، بأن يفعل ما وكل فيه من تزويج أو بيع أو نحوهما، فإن الوكالة والبيع حصلا بعلة واحدة، و الظاهر عدم زيادة اعتبار الملك في مضي البيع على اعتبار الوكالة فيه، فإن بيع الوكيل و المالك سواء في ذلك، وبالجملة لا مانع من تسلسل العلل المترتب على كل منها معلولها، وإن اتحد العلة الأولى معها، نعم لا يعقل حصول المعلولات المتنافية لعلة واحدة كما هو واضح، ومما يؤكد المقام ظهور إرادة القائل - بكون البيع مثلا فاسخا - الصحيح منه، لا الفاسد الذي يكون فسخه من الدلالة على إرادته، لا أنه فسخ بالتصرف، بل هو صريح استدلالهم على الفسخ بأصالة الصحة في العقد، والله العالم.
(ولو كان الخيار لهما وتصرف أحدهما) فيما انتقل إليه من المبيع أو الثمن (سقط خياره) بايعا كان أو مشتريا وسواء كان التصرف جائزا كالانتفاع بغير الوطئ أو غيره كالوطئ ونحوه، إذ لا تلازم بيع حصول الالتزام وحلية التصرف، إذ لا ريب في صدق اسم الأحداث في العين وإن كان حراما، لأن الإثم حكم شرعي لا مدخلية له في صدق الاسم كما صرح به في الدروس.